الإسلام... ماركة مسجلة !
احدى مظاهر ما سمي بالصحوة الإسلامية في العالم العربي منذ نهاية السبعينيات استعمال مصطلح « الإسلامي « والإسلامية « في التجارة بأنواعها سواء كانت تجارة مواد غذائية أو ألبسة أو تعليماً مدرسياً أو جامعياً أو حتى شركات اسكان وعقارات وصحة ، وفي مراحل سابقة كانت هذه الاضافة على اسم الشركة او المنتج تجلب جمهورا اضافيا وتحقق ارباحا أكبر ، والسبب أن الناس منحازة اليها بتركيبتها للبحث عما يعبر عن قيمها ، كما انها من كثرة الغش وقلة الدين كانت ترى في أي شيء يحمل صفة اسلامي مصداقية أكبر ، وفي التعليم كانت هذه المدارس ملجأ للبحث عن حاضنة أكثر التزاما بالخلق والقيم من غيرها.
ومع مرور الزمن اصبح الامر استعمالا تجاريا والهدف واضح ، ودخل الى السوق مؤسسات وشركات ومدارس ومنتجات تعمل مثل غيرها لكنها تلحق اسم الاسلامي باسمها ، وانعكس هذا سلبيا على صورة الاسلام لأن المواطن ان تعامل مع أي مؤسسة تجارية او تعليمية او منتج يحمل اسم « اسلامي « ثم وجد فيه ترهلا او غشا او اداء غير مقبول وجه نقده وربما شتيمته للاسم واتهم المتدينين بالغش ، مع أن الامر متعلق بأداء تجار واصحاب مصالح وباحثين عن ارباح في مجالات التعليم والصحة والاغذية واللباس ولا علاقة للاسلام بهذا.....
والامر الآخر ان اطلاق اسم « الاسلامي « على أي نشاط تجاري يعني اطلاق حصرية « الاسلامي « على منتج او مؤسسة دون غيرها ، فعندما نقول ان هذه الجبنة او المرتديلا او السنيورة او اللبن من شركة اسلامية ، فماذا يعني هذا على صعيد مواد الانتاج والكميات والسعرات الحرارية !! ، وهل هناك لبن او مرتديلا او جبنة اسلامية واخرى غير اسلامية !! ، وعندما نضع وصف اسلامي مع اسم الشركة فماذا يعني هذا عمليا ؟!.
وهذا ينطبق على مدارس او جامعات او شركات اسكان ، فهل تكون الشقق من الشركة الاسلامية حسب الشريعة وغيرها شقق فاسقة او كافرة ، ام المقصود هو عدم ممارسة الغش ، وهذا معناه البسيط الالتزام بالقانون والخلق ويجب ان يمارسه الجميع....
لا تظلموا الاسلام ، ولا تفتحوا باب الاساءة له من خلال استعمال « الاسلام « في التجارة والبيع والاستثمار ، فحتى اعتماد اسس الاقتصاد الاسلامي في المعاملات يمكن التعبير عنه بطرق اخرى ، اما عندما يتم ربط الاسلام العظيم بحزب تتصارع قيادته على المكاسب والمواقع ، او ربط الاسلام بمنتج غذائي قد يعجب البعض ويرفضه اخرون ، او ربط الاسلام بمدارس قد يفلح بعضها لكن بعضها قد يكون رديئا في خدماته ، فكل هذا ظلم للدين ، فالاسلام ليس بوابة لزيادة ارباح او جلب زبائن ، فلا تضعوه جزءا من دراسة الجدوى لشركاتكم ومدارسكم ومستشفياتكم ودور الازياء وحتى لمادة غذائية.
(الرأي 2015-04-23)