خطبة الجمعة المقترحة : الانتماء الوطني
المدينة نيوز - بثت وزارة الاوقاف الخميس محاور مقترحة لخطبة الجمعة ( 24/4/2015 ) حملت عنوان " الانتماء الوطني " .
وفي ما يلى عرض لتك المحاور :
حب الأوطان والانتماء اليها مسألة فطرية في الانسان ، أي خلقها الله عز وجل فيه لغاية عظيمة وهي من أجل أن يعمل بجد واجتهاد في بنائها والدفاع عنها كجزء من وظيفة الانسان في عمارة الارض .
لقد مرّ في بعض الأحيان فكر منحرف يقول أن الوطنية أمر مخالف للدين وأن الدعوة للوطنية كأنما هي دعوة مخالفة للانتماء الديني وكأن القائل بذلك لم يسمع بقوله صلى الله عليه وسلم وهي يغادر مكة تحت ضغط المشركين ما أطيبك من بلد وما أحبك من بلد ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك .
ونلحظ أنه يقول قومي ولم يقل هؤلاء العتاة ولا المجرمون ولا الكفرة بل قومي ما أحلمك وأعظمك يا رسول الله .
نقول لهؤلاء الاخوة الاعزاء أنه لا تعارض ما بين الانتماء الوطني والانتماء الديني بل هو جزء من الدين والقيام بواجبات الدين ان تنتمي لوطني وتعمل على بنائه فضلا عن ان الانتماء الوطني ضرورة حياتية لأنها تؤدي الى التعاون بين كافة مكونات المجتمع على اختلاف أطيافهم وأديانهم وألوانهم وأصولهم ومنابتهم من أجل خير الوطن وأهله وتجعل كل فرد من افراد المجتمع حارسا وحاميا له .
الوطنية هي عاطفة متوقدة في قلب الانسان نحو وطنه تجعله يحن اليه ويشتاق عليه مهما صعبت الحياة فيه ومهما قلت موارده وشحت وتجعله يعمل بجد من أجل بنائه والعمل لرفعته بكل ما أوتي من قوة ولذلك جعل الاسلام الدفاع عنه امام من يريد به شراً جهاداً في سبيل الله وجعل الموت في سبيل ذلك شهادة في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من مات دون أرضه فهو شهيد ) وجعل الفقهاء الدفاع عن الوطن اذا تعرض له عدو بالاعتداء فرض عين لا كفاية أي واجب على جميع افراد المجتمع .
ان الوحدة الوطنية هي عبارة عن التآلف بين افراد الوطن على أساس من المواطنة التي لا تقبل التمييز بين الناس على أساس العرق أو الدين او اللغة بل تجعل كل أبناء الوطن شركاء في العمل والتنمية والبناء .
ان علامة حب الانسان لوطنه هو حنينه له ولو كان غيره أنفع له منه ، أنظروا للشاعرة المشهورة ميسون الكلبية التي كانت تسكن البادية فتزوجها الخليفة معاوية ونقلها من حياة البادية الى القصور الفارهة فسمعها يوما تقول شعرا :
لبيت تخفق الارواح فيه أحب إلي من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
وأكل كسيرة من كسر بيتي أحب إلي من أكل الرغيف
فما أبغي سوى وطني بديلا فحسبي ذاك من وطن شريف
فلما سمع ذلك طلقها وأعادها الى أهلها .
فكيف يتفق هذا مع ما نراه من افعال شاذة من بعض الناس في العمل على تخريب وطنه ومؤسساته ومنشآته واتلاف ممتلكاته والحقد عليه أو لعنه وشتمه وسبه .
تجد بعضنا يجهر بحب بلده ثم يسرق مقدراته أو يفسد فيه يجب أن نعلم أبناءنا كل السلوكيات التي تنبثق عن حب الوطن وأنها ليست مسيرة أو شعار بل فعل وممارسة وعندما قال جلالة الملك ارفع راسك فانت اردني ، يجب أن نترجمه الى عمل وفعل ، فالطالب الذي يخرب في مدرسته فيتلف ممتلكاتها العامل الذي يضرب عن عمله ويعطل انتاجه ، المتنزه الذي يلقي نفاياته في طريق الناس واماكن جلوسهم راكب السيارة الذي يلقي علبة العصير من النافذة أو ربة البيت التي تلقي النفايات في الشارع ، الموظف الذي لا يلتزم بوظيفته ولا يخدم الناس ، المعلم الذي لا يخلص لوظيفته ولا يشعر بالمسؤولية عن طلابه ، رب الاسرة الذي لا يقوم بواجب ابنائه ورعايتهم وتأديبهم وتأمين عيشهم الكريم ، الاستاذ الجامعي الذي لا يرتقي بطلاله ولا يحفز الابداع والتفوق فهيم ، الشيخ الذي لا يغرس القيم النبيلة بين الناس بفعله ويقول أيها الاخوة أنظروا الى ابراهيم عليه السلام وهو يقول (رب اجعل هذا بلداً آمناً وأرزق اهله من الثمرات ) هذا انتماء للوطن ونلحظ هنا أنه قدم الأمن على الرزق وهي التفاتة طيبة نوجهها للذين من أجل لعاعة من الدنيا يخرجون ويضربون ويعطلون مصالح الناس .
الرسول عندما خرج من مكة خرج حزيناُ مكلوما فبشره ربه قائلاً " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاذ" جاء في تفسير القرطبي أن النبي لما خرج من مكة مهاجراً فبلغ الجحفة اشتاق الى مكة فأوحى الله اليه هذه الآية.
ولما أصبحت المدينة هي دار دولة الإسلام أحبها كما أحب مكة ، فإذا كان في سفر فاقترب من المدينة أسرع في سيره كما ذكر البخاري في صحيحه أنه إذا كان في سفر فأبصر المدينة أوضع راحلته أي أسرع , يقول ابن حجر في شرحه فتح الباري لشرح صحيح البخاري وفي الحديث دلالة على مشروعية حب الوطن والحنين اليه وحديث ابن حجر قبل كل الحركات القومية والوطنية حتى لا يقول بعض الناس هذا انحراف في الفهم والفكر .
انظروا الى بلال رضي الله عنه وهو عبد حبشي كان يسكن مكة ولما هاجر كان يحن على مكة وهي الارض التي عذبته فيقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بفخ وحولي إذخر وجليل
وهل أرِدَّن يوماً مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل
فقال صلى الله عليه وسلم : لما رأى أصحابه من المهاجرين يشتاقون إلى بلدهم دعا الله " اللهم حبب الينا المدينة كما حببت الينا مكة وأشد حبا .
دوائر الانتماء لا تعارض بينها بل تكامل فالوطنية الحقة لا تخالف الدين بل هي فرع من أصل الوطنية تحقيق لمعنى واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا .
في الصحيفة وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم .
من مظاهر الانتماء الوطني احترام خصوصيات ابناء الوطن فلا شتم ولا استهزاء ولا تحقير على أساس الدين أو العرق أو القبيلة أو اللون .