المنطقة العربية إلى أين؟

منذ قيام ما يسمى بالربيع العربي وحتى الآن؛ تعيش المنطقة العربية بمعظمها في حالة فوضى عارمة فرضت عليها؛ في ظل معطيات صعبة تضعها في مواجهة اخطار وتحديات وتهديدات قائمة تحيط بها من كل جانب، وغيرها قادم. ومما يذكي هذه الاوضاع انقسام الدول العربية الى محاور تختلف في الشعارات والاهداف والمصالح، واتخاذ سياسات متناحرة تكيد بعضها بعضا.. والضحية في مثل هكذا اجواء الشعب والاوطان.
واول مثل على ذلك الحرب في اليمن التي ما زالت رحاها تدور! وعندما اشتعلت شرارتها فوجئ بها الشعب اليمني والشعب العربي بمعظمه. وقتل وجرح وعوّق فيها الكثير، ودمرت فيها البنى التحتية والاساسية وكل مقومات الحياة. فالعنف السياسي الذي ينتهي باستخدام القوة بتصرف متسرع لا عقلاني يفتقد الى اهداف موضوعية، ولا يخرج عن كونه ارهابا سياسيا غطاؤه القوة. وهذا الوضع يؤشر على انسداد الافق في الظرف الراهن في وجه اي عملية سياسية.
بعد حرب العراق 2003 توالت الازمات، وتلاحقت الاحداث والتطورات في المنطقة، وتجلى فيها الانقسام والعجز العربي في مواجهة الاخطار الداهمة، والتهديدات المحيطة. وفي اجتماعات الجامعة العربية اتسمت السياسات والمواقف العربية ازاء تلك الاوضاع بالتناقض والتنافس والاختلاف في النظر الى الازمات المحيطة بالمنطقة وتقويمها.
الكثير من المحللين يرون ان هناك اسبابا كثيرة ومتشعبة وراء هذا الواقع العربي المؤسف!! ربما احد الاسباب فقدان العرب للخيار العسكري في مواجهة اسرائيل منذ توقيع اتفاقات السلام المصرية الاسرائيلية التي ادت عمليا الى خروج مصر من ساحة المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني. وهناك من يعتبر عامل تعدد المصالح العربية وتشرذمها. وهناك القضية الفلسطينية المركزية وقضية الصراع العربي الاسرائيلي، وعملية السلام الهادفة لايجاد تسوية سياسية لذلك الصراع. وقد اختلف حولها الدول العربية، والفلسطينيون انفسهم.
بكل الموضوعية، وليس بداعي اليأس والاحباط نقول: المنطقة في فراغ عربي! تعيث فيها فسادا عسكريا بكل تبعاته البغيضة المؤلمة، جهات اقليمية وخارجية باوامر وخطط واملاءات خارجية. وفي الآونة الاخيرة فقد العرب القدرة على التأثير الفعلي فيما يحيط بهم من احداث ومستجدات، وتحولت الاجتماعات والقمم العربية والاسلامية التي عقدت على امتداد السنوات الماضية الى مجرد مناسبات تصدر عنها البيانات والدعوات الرسمية التي تطالب وتشدد، دون ان يكون لها اي تأثير في مجريات الاحداث على ارض الواقع. والقمم التي تتطرق للقضية الفلسطينية كانت تذكر بمساندة الكفاح الفلسطيني والتأكيد على مشروعيته، ومناشدة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل واحياء العملية السلمية. وعلى العموم الدول الخليجية في الجامعة العربية، هي صاحبة الصوت الاعلى والمؤثر المهيمن على القرارات التي تصدر عن مجلس الجامعة؛ شاهدنا ذلك في القضية الليبية، والسورية، واليمنية. وسواء الجامعة العربية او منظمة المؤتمر الاسلامي لا يملكان استقلالية القرار وسيادته.
منطقتنا العربية تتجاذبها محاور دولية واقليمية، وتتنازعها الصراعات تبعا لذلك. والصراعات الدولية لها حلفاؤها الاقليميون، ولكل فريق اجندته التي يعمل على تنفيذها.
ان طبيعة العلاقات والمصالح المتشابكة، والاولويات العربية والاقليمية والدولية؛ وما يتجاذب المنطقة من تحالفات وتناقضات معقدة؛ فرضت على المنطقة الحروب هنا وهناك، وفرضت اوضاعا مفتوحة على جميع الاحتمالات.
نحن كعرب.. نقف امام تهديدات متعددة الابعاد، عابرة للحدود، تهدد امننا ومصالحنا. فما يدور الآن حولنا من حروب ونزاعات معسكره! باستخدام القوة بشراسة من جهات عدة؛ اقليمية وخارجية باشراف وتخطيط واملاء الولايات المتحدة يهدف الى ارساء حقائق الامر الواقع بالقوة علينا!؟
(العرب اليوم 2015-04-27)