نافذة على الجحيم !

تم نشره الأربعاء 29 نيسان / أبريل 2015 01:11 صباحاً
نافذة على الجحيم !
خيري منصور

يحرمنا هذا الايقاع المتسارع والمحموم للأحداث من استيعابها وتحليلها، فنحن اصبحنا كمن يقطع مستنقعا يعجّ قاعه بالأفاعي والعقارب والاشواك، يضع يدا على أنفه كي لا تزكمه الروائح السّامة ويحاول كالقط ان يحمي جسده باليد الاخرى، فالنار تواصل التهام كل ما تصل اليه من هشيم، ونظرية جحا البائسة القائمة على سلامة بيته، بلغتها النيران كما بلغت ذويه وجسده ! فمنذ قرون والعربي يحفر في جدار زنزانته ليجد نفسه في زنزانة اضيق واشد اظلاما، وكأن حكاية كريستو ترجّلت من الاسطورة الى هذا الواقع المشحون بكل محاصيل الكراهية والانتقام. لم يحدث من قبل ان تحولت الشاشة الى نافذة على الجحيم، قتل هنا ودمار هناك، والدم يرشح من كل الشاشات ولا يستطيع المرء ان يغمض عينيه او يشيح بوجهه عما يرى، لأن النار تقترب من سريره ومن مهد طفله، ولم يعد في هذا العالم الموبوء والمنكوب من يركن الى كونه استثناء او على رأسه ريشة، او في جيبه بوليصة تأمين تحميه من هذا الوباء. ومن بلغت بهم الانانية حدا من الجنون دفعهم الى القول اذا جاء الطوفان اصعد على ظهر ابنك كي تطفو، لم تعد انانيتهم تحميهم لأن الطوفان لا احد يطفو عليه ، وحين تحترق الغابة بكل ما فيها لا ينجو الا من كان له جناحان ونحن البشر لا اجنحة لنا، فإما اطفاء الحريق او التحول الى رماد، ولو عاش من تخيلوا الجحيم امثال دانتي ايامنا لكان ما كتبوه عنه اضعافا مضاعفة؛ لأن الواقع تخطى الخيال ولهذا فنحن عاجزون عن اللحاق بما يحدث تماما، كما اننا لا نستطيع ان نشاهد عدة قنوات تلفزيونية في اللحظة ذاتها. موت من الجهات الستّ وليس من الاربع فقط، فالسماء ايضا تمطر نارا والارض تتصدع وتتقيّأ احشاءها تحت الاقدام، فأية يد شيطانية فتحت صندوق باندورا كي تندلع كل هذه الشرور بتزامن عجيب. إن المُخيّر بين ان يموت ذبحا او حرقا او جوعا او بالرصاص حتى لو كان عن طريق الخطأ عليه ان يسأل نفسه لماذا اغمض عينيه طيلة عمره عن الاسباب التي تراكمت وتفاقمت كي تؤدي الى هذا الجحيم، فما من احد منا بوسعه ان يبرىء ذاته من اعباء هذا المصير! 

(الدستور 2015-04-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات