نقوش البدو على صخور الصحراء الأردنية ( صور )
المدينة نيوز : - تمكن البدو في صحراء المنطقة الواقعة ما بين جنوبي سوريا والاردن وشمالي المملكة العربية السعودية في الفترة الواقعة بين القرن الاول قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي، من إجادة القراءة والكتابة في وقت مبكر من التاريخ بحسب استاذ الدراسات الشرقية في جامعة اكسفورد مدير مشروع موسوعة النقوش العربية الشمالية القديمة الدكتور مايكل ماكدونالد.
واشار الدكتور مكدونالد في محاضرة القاها مساء الثلاثاء في "مجلس الابحاث البريطانية في بلاد الشام" بعمان، إلى أن الاسطح الوحيدة التي كانت متاحة للكتابة عليها آنذاك، هي من خلال النحت على الصخور، لافتا الى انهم استخدموا الكتابة لتدوين ملاحظاتهم عن محيطهم وبيئتهم الخاصة إذ كتبوا عن القطعان التي ترعى او عن لعبة مارسوها او عن اعدائهم بنصوص بسيطة اشبه بما يسمى في وسائل الاتصال الحديثة بــ"التغريدات" في يومنا هذا، وتمثلت بعشرات الآلاف من الكتابات على الصخور التي كانت تحتوي على بيانات شخصية او احداث او مناسبات واعتبرها تمثل نموذجا لشبكة التواصل الاجتماعي كانت قائمة بين البدو الرحل في العصور القديمة.
واوضح ان اسلوب "التواصل" ليس موجها تجاه فرد بعينه بمقدار ما هو تعبير ذاتي لمرة واحدة بحيث ان كاتب تلك النقوش، ورغم ان النقوش والتعبيرات على الصخور لا يمكن اعتبارها بذات الانتشار الواسع الذي تحدثه وسائل التواصل الاجتماعي من "تغريدات" في زمننا الحالي، إلا انه يمكن اعتبارها تتكئ على ذات المبدأ من حيث التعبير العفوي والعلني عن افكار وآراء شخصية يمكن قراءتها من قبل أي شخص.
وقال ان الناس في المجتمعات غير الملمة بالقراءة والكتابة في تلك الحقبة، تشكل لهم قوة الذاكرة والتواصل الشفهي عاملا حاسما لخدمة الأغراض التي نستخدمها في الكتابة، يتمتعون بخاصية الفضول الذي هو مهارة البقاء على قيد الحياة في بيئة قاسية، مفترضا أنه إذا ذهب بدوي إلى واحة مثل مجتمع مدينة تيماء، ورأى تاجرا يكتب وصل استلام أو رسالة قد يسأله "ماذا تفعل" وعندما يجيبه يطلب منه ان يعلمه كيف يقوم بذلك، من باب الفضول ايضا.
وبعد ان يتعلم ذلك البدوي الكتابة يعود الى الصحراء، ليستعرض مهاراته امام اسرته واصدقائه ليقوم بكتابة "الرسائل" التي يريدها على التراب او بحفرها بواسطة أداة حادة على الصخور، بحسب الدكتور مكدونالد الذي اشار الى أن هذه العملية من تعلم كيفية القراءة والكتابة، ربما حدثت مرات عديدة، وان هذه المهارات تم تمريرها من خلال افراد من مجموعة من البدو الرحل الى نظرائهم من مجموعات اخرى والتي وجد الباحثون أدلة على هذه العملية التعليمية غير الرسمية في عدد من الكتابات التي تمثل قائمة من الحروف الابجدية وليست تلك التقليدية التي كانت معروفة بحروف الابجدية العربية الجنوبية او الفينو-أرامية او شبيهة لها بل تم ترتيبها ووضعها وفقا لتصور كل من اولئك البدو الذي تصدوا لنشرها بحسب الحرف وتماثل اشكاله.
واشار المحاضر الذي امضى 10 سنوات باحثا في الاردن، الى ان هناك نماذج من كتابات ونقوش في جنوبي سوريا استخدم فيها البدو في كتابة اسمائهم الاحرف الصوتية الاغريقية بالإضافة الى احرفهم الساكنة الخاصة، لافتا الى ان نتيجة تراكيب الحروف التي ابتكرها البدو في ذلك الوقت وجدت على النقوش الصخرية ما ادى الى اعطاء صوتيات مختلفة لأحرف مختلفة.
وأكد في المحاضرة، التي قدمته فيها مديرة المجلس الدكتورة كارول بالمر، وعرض فيها "داتا شو" بصري تبين تلك الصخور والكتابات والنقوش القديمة في مراحل مختلفة، انه نتيجة لتلك النقوش توفر لدى الباحثين معلومات كثيرة وثرية حول طريقة حياة البدو في تلك المراحل الزمنية اكثر من غيرها من التجمعات السكانية الاخرى لذات الفترة في تلك المنطقة.
صور :