الأردن وإشاعات الظل

الاردنيون كلهم، على الأقل، المهتمون بالعمل العام، كانت لديهم قناعة راسخة بأن تعيين أمين عمّان عقل بلتاجي لم يكن حسب رغبة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، وانما برغبة من رأس الدولة، حتى قيل في أيامها ان النسور يماطل في اصدار قرار التعيين، لأنه كان يرغب في تعيين شخص آخر، وأبلغه بهذه الرغبة، ما دفعه إلى الاحتفال مبكرًا بإقامة سرادق كبير في أم السماق.
هذه المعلومة التي استمرت طيلة الفترة الماضية، اضافة الى معلومات أخرى عن حالة الجفاء التي كانت بين النسور وبلتاجي، نسفها رئيس الحكومة تحت قبة البرلمان في وقفة دفاع رجل الدولة عن الفريق الذي يعمل بمعيته.
في لحظة تجلٍّ سياسي، امتص النسور بذكاء اتهامات النواب حول احتماء الأمين بجلالة الملك، معلنًا "أقول بكل صدق وشرف أن اقتراح اسم الأمين لم يأت إلا مني أنا شخصيا، ولم أوجَّه ولم أسأل ولم يقترح جلالة الملك ذلك، ولم يكن لجلالة الملك إلّا أن استمع للاقتراحات، وكان خياري الأول عقل بلتاجي، لأني زاملته، وهو إنسان وطني كفؤ متعدد الثقافة والخبرات، وهو نزيه نظيف الكف، ولم أسمع.. ولا شككت بنزاهته".
وقال: إن كانت بريطانيا تقبل رئيس وزرائها جون ميجر ومعه ثانوية عامة، فهذا الرد على الحديث عن عدم حمل بلتاجي شهادة جامعية.
الرئيس قال بوضوح: إنه مسؤول عمّا يحدث في أمانة العاصمة، وإن الحديث عن أخذ الامين ديونًا 265 مليونا مغلوط، فالحقيقة حسب النسور أن الامين استأذن مجلس الوزراء لتكون الديون في بنك واحد وبشروط أفضل.
وفي تفنيد مواقف النواب قال النسور: إن الموازنة العام الماضي وهذا العام بخلاف من سبقها من سنوات، لا يوجد فيها عجز، وأنه حوّل لمكافحة الفساد عدة قضايا من بينها التعيينات، وفيها متنفذون يفرضون وظائف على الأمانة، وقال: لدينا كشف بمن كان وراء التعيينات.
هذه المكاشفة والشفافية تنسحب ايضًا على ما لا يريد الاردنيون ان يقتنعوا به، وان يتوقفوا عن قراءة الحركة النشطة التي يقوم بها رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي على انها تلميع واعادة حضور تجهيزا للعودة من جديد الى سدة الدوار الرابع رئيسا لحكومة جديدة.
الرفاعي اضطر لاكثر من مرة، وفي لقاءات صحافية وتلفزيونية وفي ردود على اسئلة مواطنين ان ينفي ان نشاطه السياسي الذي يقوم به في المحافظات، وملاحظاته على السياسات الرسمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما هي الا جزء من دوره في التواصل مع المواطنين، وليس لها من قريب او بعيد علاقة بالعودة الى رئاسة الحكومة.
حتى الانتقادات التي يوجهها الى الحكومة القائمة، وآخرها في محاضرته بالجامعة الاردنية، ما هي الا جزء من دوره في تعزيز الاصلاح السياسي المنشود.
الرفاعي يقول ويعيد انه لا يفعل ما يفعله من اجل تلميع ذاته للعودة الى رئاسة الحكومة، لكن الناس لا يريدون ان يقتنعوا بذلك، وسوف تتضح الصورة، بعد شهر، او سنة، او ينتظروا نهاية عمر الحكومة ومجلس النواب، ليكتشفوا الحقيقة، خاصة اذا برز اسم آخر مرشح لحكومة جديدة خلال قابل الايام.
(العرب اليوم 2015-04-30)