كليلة ودمنة بطبعة عصرنا !

تم نشره الثلاثاء 05 أيّار / مايو 2015 02:42 صباحاً
كليلة ودمنة بطبعة عصرنا !
خيري منصور

يتداول الناس هذه الأيام فيديوهات، الهدف منها تبرئة الحيوان وإدانة وتجريم البشر، منها أسدان يشتبكان ويدمي كل منهما الآخر دفاعا عن غزال رضيع، أو نمر يحنو على قرد وليد ويحتضنه ويداعبه ولا يؤذيه، ومنها قط يضغط على صدر قط آخر كي يعيد الى قلبه النبض، اضافة الى قطين يحاولان سحب قط ثالث سحقته سيارة كي لا تمشي فوق اشلائه العجلات . فما الحكاية وهل هي كليلة ودمنة جديدة يضطر من يرويها الى استنطاق الحيوان كي ينجو من تأويل عسس الاستبداد؟. لم يحدث من قبل ان اعيد الى الحيوان الاعتبار بل الاعتذار اليه عن كل ما علق به من اوصاف كالتوحش والعنف والسادية، فالحيوان الأعجم -الآن- ارحم من الإنسان الثرثار؛ وكأن المعادلة قلبت رأسا على عقب، فنحن -الآن- لا نأخذ الحكمة من افواه الفلاسفة او حتى المجانين؛ ما دام الحيوان قد تطوع بها ليذكّرنا بأننا كبشر نحن الاجدر والاولى بكل الصفات التي اطلقت عليه، فالحيوان لا يقتل الا جوعا او خوفا ودفاعا عن النفس بينما يمارس الإنسان كل هذه الجرائم لأنه سادي وعاشق كأسماك القرش لرائحة الدم التي تُسيل لعابه . الانسان يقتل وهو يعاني من التخمة ويتجشأ، ويذبح وهو آمن في جحره لمجرد ان مشهد السكين يذكره على الفور برقبة اخيه. ان تداول هذه الفيديوهات وعلى نطاق واسع اشبه بانقلاب كوني يعيد تسمية الاشياء بمسمياتها الحقيقية، فما كان للبقر ان يجنّ لولا العدوى من جنون البشر، وما كان للدجاح المسكين -الذي يسطو الإنسان على لحمه وبيضه- أنْ ينتقم لولا انَّ ما يقترفه البشر من جرائم يجعل القشعريرة تسري في الحجر. ان هذه الألفية الثالثة التي دخلنا اليها مدججين بكل هذه الكراهية ونوازع الانتقام لن تكون من حصة تاريخنا البشري، إنها ألفية الحيوان الذي نطق بعد صمت دام ملايين السنين، فقرر أنْ يشهد، تصوروا لو انَّ خاروفا شاهد رجالا ملثمين يذبحون رجالا آخرين ويلقونهم في الماء بلا رؤوس، هل يثغو ام يقول بأنه الأولى بالنطق من هذه الكائنات التي يجري السم لا الدم في عروقها ؟

(الدستور 2015-05-05)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات