يسار ثلثه في اللسان وثلثاه عند اليمين

من مظاهر الفنتازيا التي تستحوذ على المشهد السياسي الراهن في الشرق العربي، مواقف بعض اليساريين او الذين كانوا كذلك، وما زالوا مصرين على انهم من ارباب اليسار سواء من الوسط الشيوعي او من الوسط القومي.
وتتوزع هذه المواقف بين يسار التمويل الأجنبي والمطابخ اليهودية والماسونية التي تديره (سوروس – بيتر اكرمان – ليفي) وجماعات الاشتراكية الدولية (الحزب الاشتراكي الفرنسي قلعة الماسونية العالمية، وحزب العمال البريطاني، وزملاؤهم الالمان والأوربيون عموما) وبين يسار الغاز والنفط والرجعية ومنابرها ومراكز دراساتها..
هكذا نحن أمام نسختين من يسار اليمين العربي الرجعي ويسار اليمين الدولي الأطلسي.
وامام خطابين متهافتين لهذا اليسار، الذي سبق لمؤسسي اليسار انفسهم ان وصفوه بالانتهازية خاصة تعليقات ماركس وانجلز ثم لينين على ما بات يعرف بالاشتراكية الدولية ومؤتمراتها ومثقفيها…
ومن أبرز ما يجري استرجاعه او استعادته من ذرائع هذه الاشتراكية، هو ما يسوقه يسار النفط والغاز والتمويل الأجنبي العربي عن افكار جون لوك وثورات 1848 علما أن لوك عندما ربط بين حرية الافكار وحرية الاسواق كانت الرأسمالية ظاهرة تقدمية ولم تتحول إلى ظاهرة رجعية كما أن ثورات 1848 وما اعقبها من حروب دموية كانت تتويجا لتحولات صناعية كبرى مقابل البنى الكولونيالية المشوهة للدولة العربية التابعة.
وفي الحقيقة فإن البحث عن معطيات نظرية او فكرية هو آخر ما يشغل اليسار المذكور وجولاته (السياحية) بين ربوع (اوروبا) وحنفيات النفط والغاز بدعوى الانتصار لهذه القضية او تلك…
فما يحدث في الواقع وما هو مطلوب من اليسار المذكور الذي لا قيمة له اطلاقا على الأرض ولا يشكل واحدا بالالف في أي بلد عربي ولم يقدم مساهمة فكرية لها قيمة مضافة نظريا، هو المشاركة في تأمين الغطاء السياسي للدسائس الرجعية، الأطلسية وادواتها التكفيرية
وعزاؤنا في كل ذلك ان يسارا (ثلثه في اللسان وثلثاه عند اليمين) على حد تعبير مظفر النواب لم يكن الوحيد من فصيلته او نوعه في العالم، فقد سبقه اليسار الفرنسي ولا يزال عندما انتفض فجأة وحول الجامعات وشوارع باريس الى مظاهرات عارمة ضد الجنرال ديغول، وتبين بعد سنوات انه كان مطية للمخابرات الصهيونية والامريكية المتضايقة من ديغول خاصة بعد تحول مواقفه من القضية الفلسطينية ودعوته كذلك للتحرر من نظام الدولار.
(العرب اليوم 2015-05-12)