العرض "من الهنا والهناك" يرصد معاناة الانسان العراقي في ظل الاوضاع الحالية
![العرض "من الهنا والهناك" يرصد معاناة الانسان العراقي في ظل الاوضاع الحالية العرض "من الهنا والهناك" يرصد معاناة الانسان العراقي في ظل الاوضاع الحالية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/efa79fabd8f272bf3ac251b6a92da064.jpg)
المدينة نيوز:- يكشف العرض المسرحي العراقي "من هنا والهناك" للمخرج صفاء الدين حسين، الذي قدم مساء امس الاربعاء على المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي ضمن مهرجان ليالي المسرح الحر العاشرة، عن ثيمته من عنوانه الذي يشي بتداعيات التجزئة والتقسيم المكاني بالمعنى السياسي، حيث "هنا" و "هناك" للدلالة على بعدين مكانيين في الاصل جغرافية سياسية واحدة.
العرض المسرحي "من الهنا والهناك" الذي اتكأ على السينوغرافيا واقترب من العبث، باسلبة سوريالية إذ التعبير الأدبي يتوجه إلي النفس والحياة الداخلية النفسية بما فيها من حالات غياب الوعي كالنوم والأحلام، استهل مشاهده بظلال أداء حركي بمصاحبة مؤثر موسيقي متصاعد لعدد من الشخوص خلف "ستاندات" مغطاة بستائر شفافة مصفوفة ومتلاصقة في منتصف الخشبة بشكل متواز معها في ظل شبه تعتيم واضاءة حمراء خافتة عليهم، فيما تموضع في مقدمة يمين الخشبة على جانبه برميل بالألوان الازرق والاحمر والاصفر خلف اكياس خضراء مصفوفة تشي بانها متراس لخندق ومثلها في مقدمة يسار الخشبة.
يبدأ الكشف عن ثيمة العرض التي تستند الى ان الانسان العراقي اصبح محاصرا في وطنه الممزق بالمتاريس والحواجز لولاءات متناقضة ومختلفة كل منها اسس كيانه الخاص به في الوقت الذي يتلاشى الامل بقدوم الفجر وان مختلف الاطراف هي محاصرة في كياناتها المصطنعة، بمشهد اندفاع احد شخوص العرض من عمق الخشبة برجله اليمنى المصابة والمضمدة والخارج حديثا من السجن ليدفن زوجته، فيما تستوقفه شخصية اخرى ملتحية وبحواجب مبالغ بها ترتدي ملابس من "الخيش" كانت تتمترس في الجهة اليسرى من مقدمة الخشبة بوصفه حارس نقطة تفتيش، ليسأله "من انت، هل خرجت من هنا ام من هناك" فيجيبه (المصاب) " انا من هناك وجئت الى هنا هروبا من ضجيج العاصفة" لتتوالى احداث العرض التي تعاين ازمة الانسان العراقي في وطنه الممزق، في ديالوجات ومونولوجات تشارك فيها هاتان الشخصيتان بالإضافة الى شخصية زوجة المصاب التي تظهر بشكل مشوه، ضحية الحرب هي وابنتيه فجر واحلام، والتي تجسدها احلامه وقد عادت من موتها فيما هي بهدوئها تحاول ان تعيد اليه الامل والتمسك بالحلم والفجر والحياة.
ورغم رتابة الاداء وجرعة اليأس التي تلقاها الجمهور، وفق مخرج العرض بتوظيف عناصر السينوغرافيا من قطع ديكور ومكياج واكسسوارات واضاءة متغيرة ومتحركة، ومؤثرات الاضاءة المتقطعة والصوتية والموسيقية والمكياج لإيصال المحمولات والمضامين التي يريد ايصالها، فمثلا الحوار الذي يجري في احدى اللوحات بين الشخصيتين الرئيستين ويفصل بينهما "ستاند" بشكل قضبان زنزانة انما يحوي بان كلاهما بالنسبة لآخر سجينه وانهما معا سجينان في ظل هذا الوطن الممزق.
النص المنطوق الذي جاء بالفصحى حمل العديد من الترميزات والاسقاطات السياسية والانسانية ومنها "حين حلت العاصفة الزمهريرية" وعبارة "انا الحقيقة الباقية التي ستذهب اليهن(المقصود ابنتيها المتوفيتين) لأحررهن من براثن الوجود اما انت فابق هنا"، في الوقت الذي دل اسماء زوجته شمس وابنتيه "فجر واحلا" الذين ذهبوا ضحية الاقتتال على فقدان الامل وبصيص الضوء.
والعرض الذي يختتم مشاهده بمؤثرات صوتية واضاءة لمعركة تسقط فيها شخصيتي العرض الرئيستين(المصاب والحارس الملتحي) في مقدمة الخشبة تعبيرا عن حتمية واقع الموت قتلا في ما يجري يوميا في العراق، شارك فيه تمثيلا عقيل الزيدي وقدامة عامر وهدى محمود وبيان نبيل.
اما على المسرح الرئيس فقد عرضت المسرحية الاسبانية الاستعراضية "فيديريكو بين الاسنان" من اخراج "صونيا مويتسيا" تم توليفها من نصوص مختلفة من الشعر والمسرح للشاعر الاسباني والكاتب المسرحي فيديريكو لوركا، واشتملت على 7 مشاهدة متنوعة بالأداء الجماعي الحركي المتميز شارك فيه سبع فنانات والمتناغم مع الموسيقى والاضاءة المنسجمة مع مشاهد العرض ولوحاته وتعبيرات نصوصه ومقاطعه الغنائية.
(بترا)