الاثنين ... العيد الـ 69 لاستقلال الأردن
المدينة نيوز :- تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية بالعيد التاسع والستين لاستقلالها، هذه المناسبة التي تعتبر محطة نتوقف من خلالها مع حجم الانجاز الهائل الذي تحقق في وطننا الغالي على يد الهاشميين الذين نذروا أنفسهم للأردن، فكانوا رمزاً للاستقلال وعنواناً للعزة والسيادة وبقي الجيش العربي الباسل قرة عين قائده الأعلى وسياجاً منيعاً يحمي الاستقلال ويذود عن منجزات الوطن ومكتسباته.
وعند الحديث عن الاستقلال نستذكر جلالة الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين الذي ارتبط شخصه ارتباطاً بهذا الاستقلال الذي استطاع بحنكته وقدرته وبما تحلى به من ذكاء، أن ينتزع الاستقلال انتزاعا. وقد أجزم المؤرخون والمحللون اليوم وبعد مضي أربعة وستين عاماً على استشهاد الملك المؤسس، بأنه كان يستشرف المستقبل في تفكيره وتحليله لطبيعة الظروف والأحداث التي كانت سائدةً في ذلك الوقت، حيث كان, رحمه الله رجل دولةٍ بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أبعاد ودلالات ومعان، فهو الأمير الذي استطاع بناءَ دولةٍ ذات مضمون رغم صعوبة الظروف وحساسيتها من كل الجوانب، فكان استقطابه لرجال الفكر والأدب والصحافة ولكل مبدعٍ في هذه البلاد, فانبرى يفاوض ويحاجج بكل ما أوتي من حكمة وحنكة وقدرة حتى ضمن لنا هذا الاستقلال الناجز.
وقد كانت القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي ومنذ تأسيس الدولة الأردنية، أولى المؤسسات الوطنية التي وقع على كاهلها مسؤولية بناء الوطن بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية في جو يسوده التعاون والتكافل الاجتماعي للوصول إلى أردن متطور مزدهر ينعم أبناؤه بالأمن والأمان شعارهم "الله، الوطن، الملك" والسير بخطى واثقة نحو مستقبل مشرق عنوانه الانتماء للوطن والأمة والولاء والإخلاص للقيادة الهاشمية الحكيمة.
البدايات الأولى عندما انطلقت شرارة الثورة العربية الكبرى، هب العرب في كل مكان يؤازرونها ويدعمونها ويشاركون فيها لإنجاحها، وكان لأبناء الأردن دورهم المؤثر في هذه الثورة، التي باركوها وشاركوا في مسيرتها على أمل الوصول إلى الاستقلال الذي يشكل حلم أحرار العرب، وما أن انقضت هذه المرحلة وانتهت الحرب العالمية الأولى، حتى بدأ يلوحُ في الأفق الكثير من المؤثرات ونقض العهود التي قطعتها بريطانيا وفرنسا للشريف الحسين بن علي للحصول على استقلال البلاد العربية، فلم تقف مؤامرات الإستعمار عند حدود "إصدار وعد بلفور" بل امتدت مطامع هذه الدول المستعمرة واتفقت كلمتها في عقد اتفاقية "سايكس بيكو" المتضمنة تقسيم البلاد العربية التي تم تحريرها من الإنتداب الأجنبي عليها، ثم محاولة إخراج الملك فيصل من أول مملكة عربية، بعد قيام ثورة العرب نتيجة الهجوم الفرنسي عليها.
وإزاء هذه الظروف والمتغيرات في سير الأحداث أرسل الشريف الحسين بن علي سمو الأمير عبدالله بن الحسين لمحاولة تعزيز موقف الملك فيصل في سوريا، وقد وصل سموه إلى معان وكانت القوات الفرنسية قد أحكمت قبضتها على سوريا وبقي سموه في معان نحو ثلاثة أشهر, وفي تلك الفترة توافد على مقره رجالات العرب من كل حدب وصوب مبايعين ومناصرين للحق العربي وللرسالة التي حملها الهاشميون. ثم انتقل سموه بعد ذلك إلى عمان فدرس الوضع دراسةً وافية فوجد أن المصلحة القومية تقضي التريث والتفكير والتخطيط لما هو آت إزاء ما آلت إليه الأمور في سوريا, وهنا بدأ سموه بتأسيس إمارة شرق الأردن وهو يضع نصب عينيه إبعاد هذا الوطن عن مؤامرات الإستعمار محاولاً الحصول على استقلاله وبنائه على أسسٍ قويةٍ تكفل له الإستمرار والبقاء رغم كل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها المنطقة.
وقد جرت الأقدار مسرعة مع سمو الأمير عبدالله ليرقى بإمارته التي لم يكن يزيد عدد سكانها عن ربع مليون نسمة إلى مرتبة الإمارات والممالك الشبيهة بالمستقلة، وأستطاع بذكائه وحنكته وبعد نظره أن يؤسس دولة فتية مستقرة، وأن يقضي على الاضطرابات والثورات الداخلية مما دفع الحكومة البريطانية إلى الإعتراف رسمياً باستقلال إمارة شرقي الأردن في 25 آذار سنة1923م، إلاّ أن هذا الاستقلال لم يكتمل نتيجة قيام الحكومة البريطانية بالتنصل من وعودها التي قطعتها للأمير عبد الله آنذاك وعقد سموه مع الحكومة البريطانية معاهدة عام 1928م. وفي 25 أيار عام 1946م ونتيجة للتطور والتقدم والإستقرار والمطالبة المستمرة من القيادة الأردنية والشعب الأردني أنهي الانتداب البريطاني وأُعلن استقلال الإمارة وأُستبدل اسمها باسم "المملكة الأردنية الهاشمية".
وقد بايع الشعب وممثلوه والبلديات وكل فئات الشعب الرسمية والشعبية الأمير عبدالله ليصبح ملكاً دستورياً على هذه البلاد، حيث أعلن جلالته الاستقلال من خلال القرار التالي: "تحقيقاً للأماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قراراتها المبلغة إلى المجلس التشريعي واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناءً على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1365 الموافق 15 من أيار 1946 فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر إعلان استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها ( عبدالله بن الحسين ) المعظم كما بحث أمر تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس بمقتضى اختصاصه الدستوري ولدى المداولة والمذاكرة قرر بالإجماع الأمور الآتية": أولاً : إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية.
ثانياً : البيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية "عبدالله بن الحسين" المعظم، بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة "ملك المملكة الأردنية الهاشمية".
ثالثاً : إقرار تعديل القانون الأساسي الأردني على هذا الأساس طبقاً لما هو مثبت في لائحة "قانون تعديل القانون الأساسي" الملحقة بهذا القرار.
رابعاً : رفع هذا القرار إلى سيد البلاد عملاً بأحكام القانون الأساسي ليوشح بالإرادة السنية حتى إذا اقترن بالتصديق السامي عُدَّ نافذاً حال إعلانه على الشعب، وتولت الحكومة إجراءات تنفيذه، مع تبليغ ذلك إلى جميع الدول بالطرق السياسية المرعية".
ومنذ تأسيس الإمارة أدرك مؤسس الأردن أن استقلال أي دولة من الدول يبقى هشاً ومهدداً وعرضةً للتراجع والاهتزاز إذا لم يكن هناك جيش يحمي هذا الاستقلال، ويدافع عنه ويحافظ عليه ويذود عن حمى الوطن، وقد أُسس الجيش العربي على مبادئ النهضة العربية وحمل أهدافها وغاياتها وكان هذا الجيش منذ نشأته الأولى حريصاً على المساهمة الفاعلة في بناء الدولة الأردنية وتعزيز قدراتها الذاتية حيث شارك في بناء مؤسسات الدولة في مجالات التعليم والصحة وتعزيز آفاق التعاون والعلاقات الاجتماعية وبناء قدرات الإنسان وتأهيله، وبناء الشخصية الوطنية الأردنية التي تنامت قدراتها ومعارفها مع تطور الأردن ليتميز هذا الإنسان بقدراته وعطائه وولائه وإخلاصه لوطنه وأمته.
وتمضي مسيرة الاستقلال لتحقق الاعتراف بالإستقلال الأكبر في 25 أيار 1946 على يد الملك المؤسس عبد الله بن الحسين ليعيد للأردنيين حريتهم ويصون كرامتهم، ويحررهم من الإستعمار البريطاني، وحتى يكتمل الإستقلال على أفضل ما يجب أن يكون، تم انجاز الدستور الأردني في عهد جلالة الملك طلال ــ طيب الله ثراه ــ ليتم بناء مقومات الدولة ومؤسساتها على أسس دستورية، وليكون هذا الدستور قاعدة تشريعية لحياة المواطن وموجهاً رئيساً لهذه المؤسسات لكيفية التعامل مع حقوق وواجبات المواطن.
الاستقلال صورة زاهية للبذل والعطاء والإنجاز ومنذ ذلك التاريخ والأردن يسعى بكل طاقاته وإمكاناته لتعزيز البناء الداخلي في كل مجالاته الاقتصادية والعسكرية والعلمية والاجتماعية، وتعزيز علاقاته مع أشقائه العرب، وتمتين التواصل والتفاعل مع الدول الشقيقة والصديقة على أساس من الاحترام المتبادل، والثقة واحترام حقوق الآخرين وتوجهاتهم لحماية منجزات الاستقلال والبناء.
وتمضي الأيام والسنون وتؤول الراية إلى جلالة المغفور له الحسين بن طلال الذي قام بتعريب قيادة الجيش العربي عام 1956 وأناط مهمة قيادته بضباط أردنيين عرب بدلاً من القيادة البريطانية التي كانت تقف عائقاً أمام إكمال الاستقلال ثم أتبع جلالته تلك الخطوة العظيمة بقرار شجاع تمثل في إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957, وبذلك أصبح الأردن يتمتع بجميع حقوقه, ويمارس سلطاته بإرادته دون إملاء شروط خارجية, وأصبح الجيش الضامن الأساس لحرية واستقلالية القرار السياسي .
ثم مضى الحسين يصون الاستقلال من خلال بناء الشخصية الأردنية، وفق أُسس تقوم على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، والقيم الإنسانية الراقية, فعمد إلى تحديث وتطوير بناء الجيش العربي الأردني من خلال تزويده بأحدث الأسلحة والمعدات وتنويع مصادر تسليحه, وخاض به معارك الشرف والرجولة للدفاع عن الثرى العربي الطهور, وعن الكرامة العربية, حتى غدا الجيش مثالاً للاحتراف والانضباط اللذين جعلاه أهلاً لثقة الأسرة الدولية وأصبحت تناط به مهام حفظ السلام والأمن والاستقرار ومساعدة الشعوب في نيل حريتها واستقلالها, والعيش بكرامة في أوطانها, أما الإنسان الأردني فقد كان محط عناية واهتمام جلالة المغفور له الحسين بن طلال, فعمل على تحقيق سبل رفاهيته وإسعاده من خلال بناء دولة المؤسسات والقانون, حتى غدت المملكة مضرب المثل في الإنجاز في مختلف مناحي الحياة، وقد تمكن جلالته- رحمه الله- من تحقيق بنيةٍ تحتيةٍ فاقت كل التوقعات واستطاعت أن تواكب ما طرأ على هيكل الدولة من نمو مطرد عكس الصورة الحضارية للمملكة في غضون عدة سنوات.
وبعد ستة وأربعين عاماً من العطاء الكبير رحل الحسين إلى جوار ربه راضياً مرضياً وودعه الأردنيون بكل مشاعر الحزن لرحيل قائد فذ أحبوه واخلصوا له وكان عزائهم الوحيد أنهم سيمضون بمعية جلالة الملك عبدالله الثاني الذي انتقلت إليه الراية من خير سلف لخير خلف فنهض فارساً يحمل أمانة المسؤولية بشرفٍ ورجولةٍ يرسم خارطة المستقبل للوطن, فواصل البناء على ما سبق وكان همه الأردن وأبناءه فعمل على دفع عجلة الاقتصاد والتنمية والاستثمار ومكافحة الفقر والبطالة.
فتوالت الإنجازات في عهد جلالته الذي ركز على عنصر الشباب باعتبارهم فرسان المستقبل والعنصر الأهم في العملية التنموية، وبناء الوطن وأُطلقت العديد من المبادرات الملكية لإشراك أبناء الوطن في صنع المستقبل واتخاذ القرار ووضعت الفلسفة الخاصة بالمراحل المختلفة في عملية التنمية، وقُدم الإنجاز والإبداع باعتباره المعيار الأهم الذي نرجع إليه في تقييم عملية التنمية كما راعت المبادرات الملكية الحاجات الأساسية للوطن والمتغيرات العالمية، ووفرت كافة الإمكانات لجعل العملية التنموية فاعلة وقسمت الأدوار على كافة الفئات، وقاد جلالته مسيرة الإصلاح التي تدعونا إلى البدء بإصلاح الداخل وإعادة ترتيبه, ومن هنا جاء شعار "الأردن أولا" ليعمل على تدعيم أركانه, وإذا ما نظرنا إلى منجزات الملك عبد الله الثاني التي تعد أساساً لصون الاستقلال لوجدناها متعددة ومتجذرة، فقد تولى بنفسه ملف حقوق الإنسان, وأثرى العملية التربوية بحوسبتها وتطوير تقنيات تكنولوجيا التعليم وعمل على توسيع مظلة الأمان الاجتماعي, والرعاية الصحية, والشبابية, وعمل على إطلاق الطاقات الكامنة في المرأة "نصف المجتمع" واستثمارها في العملية التنموية.
أما على الصعيد الخارجي فقد استحوذ جلالته على إعجاب العالم بفكره ونضوج آرائه واعتدالها, وما زال في فكر جلالته تصوراً لمملكة عصرية تمثل منطقة جذبٍ وقدوة يحتذى بها في المنطقة والعالم.
القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي لقد نالت القوات المسلحة حظاً وافراً من العناية والاهتمام إعداداً وتأهيلاً وتدريباً منذ آلت الراية إلى جلالة القائد الأعلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي أولى القوات المسلحة كل عناية ورعاية وبتوجيه من جلالته تتطلع القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي مع كل مؤسسات الوطن لأن يصبح الأردن دولة الإنتاج والاعتماد على الذات وليتمكن هذا الجيش من ممارسة دوره في حماية المملكة الأردنية الهاشمية وصون استقلالها.
لقد أولى جلالته واستكمالاً لما بناه الآباء والأجداد القوات المسلحة أيما اهتمام وهي تمارس دورها الإنساني والريادي وتدخل في مجالات المنافسة على مستوى الإقليم والعالم سواء من خلال أدائها المميز داخلياً وخارجياً أو من خلال احترافها العسكري أو دخولها في مجال التصنيع والتطوير في المجالات الصناعية العسكرية وبالتعاون مع بعض القطاعات الصناعية الدولية والعربية والوطنية من خلال مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير KADDB الذي أنشئ بتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني عام 1999 كخطوة على طريق بناء قاعدة صناعية دفاعية مستقلة وذلك في إطار التخطيط لأن يصبح هذا المركز مؤسسة صناعية تجارية تساهم في تلبية احتياجات القوات المسلحة والسوق التصديرية.
وقد قام المركز بتطوير عددٍ من الشراكات الاستراتيجية مع عدة جهات عالمية وعربية من خلال مشاركته في المعارض العسكرية الدولية وعرض صناعته العسكرية المتطورة التي لاقت قبولاً كبيراً وتم توقيع عدة اتفاقيات مع بعض الدول ليقوم هذا المركز بتزويدها بالآليات العسكرية التي يقوم بتصنيعها بالإضافة لرفد القوات المسلحة ببعض أنواع الصناعات العسكرية التي تلبي حاجاتها الدفاعية والتدريبية.
ويأتي تأسيس مركز الملك عبدالله الثاني لتدريب العمليات الخاصة (KASOTC ) الذي يعد مركزاً إقليمياً في منطقة الشرق الأوسط بما يمتلك من إمكانيات تقنية وتدريبية وأسلحة ومعدات متطورة تعتمد على التكنولوجيا الرقمية في تنفيذ العمليات ضد الإرهاب ومنفذيه ليصبح نواة فاعلة ومهمة في تقديم كل العناصر اللازمة في ترسيخ الأمن والإستقرار في المنطقة والعالم. وقد جاء هذا التوجه في ظل مراجعة إستراتيجية شاملة أجرتها وتجريها القوات المسلحة الأردنية بتوجيه ومتابعة من جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني حيث دخلت القوات المسلحة مجال التنمية الوطنية الشاملة بقوة في مجالات مختلفة وأخذت على عاتقها النهوض بتأهيل وتدريب الشباب الأردني وبناء قدراتهم وتنمية مواهبهم وتدريبهم ليكونوا قادرين على المساهمة الفاعلة وبناء الدولة الأردنية والتي نتطلع إليها جميعاً.
وأصبح الجيش العربي قوة عصرية ديناميكية قادرة على التعامل مع مختلف الظروف والتحديات والتخطيط للمستقبل بكل ثقة وقدرة وكفاءة بما يتفق مع تطلعات القيادة الهاشمية وبما يحقق التميز والاحتراف, هذا الجيش الذي يملك أفضل أنواع الأسلحة والمعدات ويتمتع بكفاءة قتالية عالية وهو دائماً يسعى للأفضل ويتطلع ليجعل من الإستقلال مسيرةً للخير والبناء والعطاء الذي لا ينضب.
ومن جانب آخر فقد دخلت القوات المسلحة الأردنية وبتوجيهات من قيادتها الهاشمية ميدان حفظ السلام العالمي كقوة فاعلة واستطاعت أن تنقل للعالم صورة الجندي الأردني وقدرته على التعامل بشكل حضاري مع ثقافات وشعوب العالم المختلفة وأصبح الجيش العربي الأردني يرفد الدول الصديقة والشقيقة بالمدربين والمختصين المحترفين في مجال عمليات حفظ السلم والأمن الدوليين كما كان على الدوام يقدم جميع خبراته الإدارية والفنية والتدريبية لكل من يطلبها من جيوش المنطقة والعالم .
إن هذا الجيش هو الذي يستطيع أن يحمي الاستقلال الذي لم يكتمل بصورته النهائية إلا بعد تعريب قيادة الجيش ليصبح القرار السياسي والسيادي الأردني بيد الأردنيين دون غيرهم, ومن هنا تتطور الدولة وتعزز قدراتها الذاتية ومن خلال شعور مواطنيها بهذا الأمن والاستقرار الذي توفره القوات المسلحة يتوجهون للعمل والعطاء والتسابق نحو بناء الوطن في شتى المجالات وتزدهر دور العلم والثقافة وينمو الاقتصاد ويعلو البنيان وتتجذر الديمقراطية ويلتفت كل واحد في مجال عمله وعطائه إلى المزيد من الإنجاز. ويعيش المجتمع بتكافل وتضامن ومحبة ويرتسم الهدف السامي الذي تسعى إليه القيادة الحكيمة والشعب الأبي الحر وهو أن يبقى هذا الاستقلال مصاناً ومهاباً يحمل الصورة الأبهى والأجمل لمعاني الحرية والكرامة التي تجذرت في قيادته الهاشمية وشعبه الأبي الذي يأبى الظلم أو الخنوع, ويسعى دائماً لما فيه الخير للإنسانية ولا يلتفت إلى الوراء إلاّ لأخذ العبرة من الماضي.
إن الإنسان الأردني الذي يشكل أغلى كنوز الدنيا هو الأغلى في هذا الوطن وهو الذي صنع الإستقلال من قبل ويصنع الإنجاز في شتى المجالات وهو الذي يرسم صورة الأردن الحضارية وهو محط العناية والرعاية من لدن قائد المسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي يرى فيه تقدم الأردن وتطوره ومعنى استقلاله .
وسيبقى الجيش العربي الأقرب إلى نبض الوطن والقائد يقدم في سبيل أمن الوطن واستقراره وكرامة أهله قوافل الشهداء الذين تزيّن أرواحهم ودماؤهم سماء وأرض الوطن عبر التاريخ الحافل بالمجد والحرية, وفي عيد الإستقلال نترحم على بناة الإستقلال وعلى حماته ونشد أزر المخلصين للعمل على تقديم كل الإمكانات واستثمار الجهود كي نقطف ثمار الإستقلال وإنجازاته.
واليوم ونحن نحتفل بذكرى الإستقلال علينا أن نعلم علم اليقين أن الإستقلال لا يقف عند طرد المستعمر الأجنبي وإقامة حكومة وطنية فقط, فالتاريخ الحديث يشهد على العديد من الدول التي كان الإستقلال بالنسبة لها وبالاً حينما اكتوت بنار الحرب الأهلية, واستبدادية النظم الحاكمة, لذلك فإن معنى الإستقلال وأهدافه السامية في أية دولة يرتبط بما يمثله من إنجازات على الساحتين الداخلية والخارجية, ويتسامى هذا المعنى كلما أصبح إرثاً لا يمكن التنازل أو الاستغناء عنه, وفي ظله تتجسد معاني الحرية والعطاء والسيادة والإنعتاق من القيود الأجنبية.
نجدد العهد للوطن والقيادة بأن نبقى الأوفياء المخلصين الحريصين دوماً على أمن واستقرار مملكتنا الغالية ملتفين حول قيادتنا الحكيمة داعين العلي القدير أن يبقيها سنداً وذخراً للوطن وللأمة العربية والإسلامية, إنه سميع مجيب.