ذاهبون إلى «البلطجة».. المحامون أنموذج

لا يجوز أن يمر ما حدث في انتخابات نقابة المحامين، التي تعاد اليوم انتخابات النقيب فيها، مرور الكرام، لأننا وصلنا فعلًا إلى مرحلة صعبة لا بد من تغييرات سريعة، وإلّا فإننا ذاهبون إلى "البلطجة" في كل شيء.
إذا كان جسم نقابة المحامين، المفترض أن يكون الجسم الأكثر حساسية للعدالة، تحدث عنده شبهات تزوير بين الحسابات اليدوية والحسابات الالكترونية، فإننا في مواجهة أزمة أخلاقية ضربت القيم، وكل ما هو جميل في حياتنا.
الحل بوضوح، ومن دون مواربة، هو في التغيير، الذي لا بد أن يقع في النظام الانتخابي، لأن "نظام الغلبة" في الانتخابات لم يعد له مكان في الواقع بعد أن تشبّع المواطن البسيط بالحقوق والديمقراطية والمشاركة في صنع القرار، ومن دون تغيير بنية الأنظمة الانتخابية إلى قوائم نسبية، يحصل كل إنسان على حصته التي يمثلها في الموقع الموجود فيه، من دون إقصاء، ولا شطب للوزن الانتخابي الذي حصل عليه، فسوف نبقى أسرى العصبيات، والعودة للبلطجة حتى نضمن أن لا يَشطُب حقَّنا أحدٌ.
لم تعد لنظام الغلبة قدمان يمشي عليهما في الواقع، فالنقابات المهنية، بيوت الخبرة، وساحة الطبقة الوسطى، والنخبة المتعلمة، تستطيع أن تشق طريق التغيير والتطوير في حياتنا السياسية، من خلال الانتقال فورًا إلى تغيير انظمة الانتخاب، إلى التمثيل النسبي، بحيث تقدم أنموذجًا متقدمًا في التغيير الذي يتحدث عنه الجميع، لكن من دون أن يدفع طرف فاتورته.
مربط الفرس الحقيقي في التغيير هو القوانين، وشرطها العدالة للجميع، بحيث يتم انصاف الناس جميعا، ولا يضطر أحدهم إلى البلطجة لانتزاع حقوقه.
لقد فقدت الغالبية العظمى من الاردنيين الثقة في أي انتخابات تقع، وهاجس التزوير وصل إلى أي انتخابات، حتى انتخابات الجمعيات الأسرية، واذا لم تعالج هذه الثقافة الأخلاقية التي أصابت الأردنيين، فإننا في مواجهة مرحلة لن نجد فيها أردنيًا يذهب إلى صناديق الاقتراع مؤمنًا بضرورة التغيير والمشاركة، لأن التجارب المريرة التي مر بها، خلقت لديه قناعة ان الصوت الذي يدلي به ليس بالضرورة يذهب إلى صاحبه، بل يذهب إلى من تريده القوى المتنفذة.
علينا مغادرة مرحلة "هَيّْنا لقينا صندوق" و"كشوفات مفقودة" و"غرف سوداء في الفرز" و"ورقة اقتراع سقطت أثناء الفرز".
مهما تحدثنا عن الإصلاح السياسي الشامل في البلاد، وعن الأهداف المعلنة وغير المعلنة للمشتغلين بالحراك في الشارع، فإن مربط الفرس في أي تطور باتجاه الإصلاح يرتبط عضويا بالانتخابات البرلمانية، وقبل الانتخابات إيجاد قانون انتخاب يحصن الإصلاح ويحافظ على كل المكتسبات الديمقراطية في البلاد.
إنجاز قانون انتخاب ديمقراطي يقوم على التمثيل النسبي على مستوى الوطن. هو النظام الانتخابي الذي يعطي لكل جهة ما تستحق، كما أنه يؤمّن بشكل كبير تمثيل كل الطيف السياسي.
هي دعوة إلى التفكر والتدبر ووضع المقترحات المقدمة بهذا الشأن على طاولة الفحص والنقاش من أجل تحقيق توافق وطني يضع مصلحة الوطن على قمة أولوياته.
قانون الانتخاب هو مختبر فحص نوايا الحكومة في الإصلاح السياسي، أما التصريحات الشعبية التي يتوسع بها الآن رئيس الوزراء فلن تحميه أبدا إذا ذهب باتجاهات أخرى، وتجاوز التوافق العام على اعتماد قانون انتخاب عصري يرتكز على التمثيل النسبي.
(العرب اليوم 2015-05-25)