قراءة معمقة في قرارات وزارة التربية والتعليم (3)

تم نشره الثلاثاء 02nd حزيران / يونيو 2015 09:13 مساءً
قراءة معمقة في قرارات وزارة التربية والتعليم (3)
هدى العتوم

إن أسخن الملفات التعليمية الوطنية وأكثرها جدلا بين المعلمين والطلبة وأولياء الأمور ، وأكثرها تحسسا لأية إجراءات أو تعليمات أو حتى تصورات هو : ملف امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) ، فهذا الملف هو الأكثر تأثيرا على أي بيت من بيوتنا الأردنية لما يحدد في تنيجته مسار حياة الطالب أو الطالبة في الدراسة الأكاديمية ومسار المستقبل ، وعليه فإنه يسبب توترا واضحا حتى على أعلى المستويات التربوية منها والأمنية ، لذا فقد وجب التعامل مع هذا الملف ومعالجة الخلل الذي اعتراه بنظرة شمولية ، تجمع بين إعادة هيبة الامتحان واحترامه وضمان عدالة نتائجه وظروفه القياسية للطلبة .

ونحن في هذا المقال أردنا أن نعيد النظر لجملة من الاجراءات التي طبقتها الوزارة في الدورة الشتوية السابقة ، والتي أرادت من خلالها معالجة بعض مظاهر الخلل التي كانت تحدث أثناء الامتحانات الثانوية العامة ، سنجد أن بعضها قد كساه المبالغة الإعلامية وبعضها الآخر انعكس بشكل سلبي على نفسية الطلاب المتقدمين للامتحان مما أثر بشكل واضح على علاماتهم ، وبعضها أدى إلى زيادة في نسبة الرسوب في عدد من المواد في نظرة سطحية أعادته للغش فقط دون دراسة تمحيصية ، أو زيادة مبطنة في الكلفة المادية للامتحان .

فلو بدأنا مثلا من التشدد في منع دخول أي طالب عند تأخره عن القاعة – حتى بعد مرور دقيقة واحدة فقط – أو حتى لنسيان الهوية الشخصية بداعي ضبط الامتحان ، مما حرم أعداد لا بأس بها من الطلبة من تأدية امتحانهم وأربك الأهالي ورؤساء القاعات على حد سواء ، وأثر – سلبيا – على الطلبة في ما تبقي لهم من امتحانات ، فما العبرة من هذا التشدد إذا كان يمنع خروج أي طالب من القاعة حتى نهاية مدة الامتحان ، فما المشكلة بوجود فرق 5 دقائق في بداية الامتحان تسهيلاً وتخفيفاً على الطالب لتعرضه ظرف طارئ مثلا ؟؟ ، وما العبرة من التشدد في الهويات وبطاقة جلوس الطالب تحوي معلوماته كاملة وصورته الشخصية ملصقة على مقعده في القاعة من قبل لجنة الإعداد ؟؟ وأين ذهب الجهد المضني والتكاليف وآلاف ساعات العمل التي بذلت لإعداد بطاقة الجلوس بشكلها الحالي ؟؟ .

أما إذا نظرنا إلى آليات حماية كل قاعة والتي وصلت إلى درجة أن يصورها بعض الطلبة على أنها "ثكنة عسكرية" بسبب تواجد قوات الأمن والدرك ، فهل من المنطق أن تحسين نوعية التعليم سيتأتى بوجود ما يقارب (6) آلاف عنصر أمني حول قاعات الامتحان ؟؟ ومع أن كثير من جوانب تراجع نتائج الطلبة يعزى إلى حالة التوتر النفسي الناجم عن مظر التواجد الأمني فأين التحسين ؟؟ ، ومن الناحية العملية : هل تحتاج (1250) قاعة كلها إلى نفس الدرجة والمستوى من الحماية لمنع الغش فيها ؟؟ ، أم أن هناك قاعات محددة ومعروفة منذ سنوات – أشارت لها محاضر اللجنة المشتركة بين الوزارة والنقابة– هي التي تحتاج لذلك فعليا فقط ؟؟ .

أما ما حصل من تقليص عدد أيام الامتحان من (24) يوم إلى (12) يوم – دفعة واحدة – ، فما الذي سيفرزه هذا التقليص في الأداء والنتائج النهائية إذا كان الطالب لم يعط الفرصة الكافية مراجعة واستذكار بعض المواد التي قد تحتاج ذلك ؟؟؟ مع العلم أن المطلوب تربويا هو تصميم برنامج للامتحان يلبي احتياجات المواد الدراسية من استذكار ، ويراعي قدرات الطلبة وفروقاتهم الفردية.

كما وإن إلغاء أسئلة "الاختيار من متعدد" في جميع المواد – بعد أخذ الاحتياطات اللازمة في عمليات التشويش وضبط الغش – قد أخل بأساس من أسس بناء الاختبارات والقياس والتقويم ، فأين المراعاة الفنية والتربوية للاختبار الوطني .

إما ما تم من إلغاء العلامة الحدية بداعي إعطاء العلامات الحقيقية للطلبة هو إطاحة بـالأسس التربوية التي وضعت لها هذه العلامة من سنة1921م ، حيث أن المتابعة الميدانية لأسباب رسوب ما يقارب من ثلث الطلبة هو (1-3) علامات في مادة واحدة ، علما بأن هذه العلامة تعتبر أحد المعايير التربوية التي تعالج الأخطاء في وضع الأسئلة والتصحيح ، وهي لا تؤثر على المعدلات بل على نسب النجاح وهي مقياس علمي يعالج به التربويون على المستوى الدولي عدة نواحي خطأ أسئلة الامتحان أو خطأ التصحيح أو عدم عدالة الخدمات والبيئات التعليمية ، ولا تتعلق البتة برفع المعدلات ولكنها فقط تعالج الوضع المنطقي في نسب النجاح ، فهل جاء إلغاء هذه العلامة بناء على دراسة تربوية ؟؟ وهل يعد تقييم طالب في أي مدرسة خاصة في العاصمة ذات معايير متقدمة من حيث الجودة والخدمات المقدمة بنفس إطار تقيم طالب في أي قرية أو ريف أوبادية أمرا منطقيا دون النظر لهذا المعيار ؟؟ كل هذا بالإضافة إلى أن مئات الطلبة فئات معدلاتهم بين (80-90) قد رسبوا بمادة واحدة بسبب (1-3) علامات لعدم تمكنهم منها أو ضعف قدراتهم مما يؤخر من التحاقهم بالجامعة لمدة فصل أو سنة .

فهل يمكن أن تلبي وزارة التربية والتعليم هذا النداء بأن تعلق وتفرج عن الكثير من الاحصاءات التي تتعلق بإعداد الطلبة الراسبين بمادة أو مادتين أو ثلاث بمستوى (1 – 3) علامات ؟؟ .

أمين سر نقابة المعلمين الأردنيين



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات