ابو عودة .. حزين شبه وحيد في صويلح

المدينة نيوز ـ خاص - كتب محرر الشؤون المحلية - ربما كان الاعلان عن تشكيلة الحكومة العسكرية في العام 1970 هو السبب في كشف الجانب المخفي من هوية عدنان ابو عودة، الذي سبقت اسمه رتبة "الرائد " في تشكيلة تلك الحكومة التي تسلم فيها حقيبة الثقافة والاعلام وما يجاورهما، بحكم تخصصه في اعداد الدراسات والابحاث في وظيفته السابقة.
ومنذ تلك اللحظة انتقل ابو السعيد من الغرف المغلقة الى فضاء السياسة والاعلام، وصار واحدا من أبرز الوجوه السياسية في عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، سواء عندما كان في الحكومة وزيرا، او عندما تسلم رئاسة الديوان الملكي، او رئاسته في مطلع السبعينات للاتحاد الوطني العربي الذي جاء لسد الفراغ الحزبي في الشارع الاردني.
يعرف كثير من الاردنيين ان عددا من خطابات الملك الراحل الحسين كتبها عدنان ابو عودة، حين كان واحدا من الذين يحددون مسار حركة السياسة في البلاد، وكان له رؤاه الواضحة في العلاقة الاردنية مع المحيط العربي.
ابو السعيد المولود في مدينة نابلس عام 1933، بدأ حياته السياسية "شيوعيا " وعمل معلما في مدارس الاردن والكويت، لكنه افترق عن "رفاقه " حين وجد هواه ومستقبله في تلك "العمارة الزرقاء " في ستينات القرن الماضي، غير انه ظل يقدم نفسه سياسيا حتى وهو يمارس وظيفته الامنية.
حين غادر عدنان ابو عودة وظيفته الرسمية، صار يكتب ويتحدث بلسان اخر، غير ذلك اللسان الذي تعرف عليه الاردنيون من خلاله ، الى درجة ان مصطلح "الحقوق المنقوصة " قد ارتبط باسم وشخصية ابي عودة اكثر من ارتباطه باي شخصية اخرى، وخطورة مثل هذا الكلام انه يجيء من رجل عاش فترة طويلة داخل جدران المطبخ السياسي، ويعرف حجما كبيرا من الاسرار التي لم يتم الكشف عن كثير منها حتى الان.
حين يطفو السؤال الفلسطيني على واجهة الاحداث السياسية في المنطقة، يتحول عدنان ابو عودة الى نجم في الفضائيات العربية المعنية بنبش اوراق الماضي لحاجة في نفس يعقوب وغيره، وكادت اراء الرجل ومواقفه ان تجره الى قاعات المحاكم قبل اعوام.
لم يعد ابو السعيد يملك موقعه الاثير في بيت الحكومة، ولم تفتح له المعارضة السياسية ابوابها، فظل خارج المسارين معتقدا ان حجم ما يملكه من علاقات سياسية وشخصية، داخل الاردن وخارجه، يمكن ان يعوض تلك القطيعة التي رسمت بعض ملامح حياته منذ سنوات.
يصفه اصدقاؤه بانه مثقف شمولي، ويتحول منزله في صويلح الى صالون يضم النخب السياسية والثقافية، التي يمكن لها ان تتحدث في "المحظورات " التي كان الحديث فيها محرما من قبل، وكثيرا ما وقف ابو السعيد محاضرا في اهم معاهد السياسة الاستراتيجية في العالم، فالرجل يملك ما يقول، بغض النظر عن مدى اقتناع الاخرين بكلامه.
في صيف عام 2009 فقد ابو عودة رفيقة دربه ام السعيد، ومنذ ذلك الحين يعيش وحيدا على ذكريات كانت، دون ان يغلق ابواب منزله كلية في وجه اصدقائه الذين يرون فيه "رافعة " لارائهم ومواقفهم التي كان يتم تصنيفها في وقت سابق في باب "المسكوت عنه ".
" لا انا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير " مثل شعبي قد يكون ابو السعيد ردده بينه وبين نفسه في بعض اللحظات الحرجة، لكن الرجل الذي تجاوز عمره ثلاثة ارباع القرن ما زال معتقدا انه قادر على احداث شرخ في جدار التابوهات المحرمة.