كرامة العمال الوافدين

لتتشدد وزارة العمل في تنفيذ القانون، وتلتزم إلى أبعد درجات الالتزام بنص القانون لا بروحه في التعامل مع العمال الوافدين الى الاردن، لكن؛ ليس من حق أحد أن يهدر كرامة العمال الوافدين، ويحشرهم في (باص التسفير) بطريقة غير انسانية.
حملات وزارة العمل التفتيشية على العمال الوافدين لتصويب أوضاعهم اجراءات سيادية وقانونية يجب الّا تتوقف ولا يعترض عليها أحد، لكن الطريقة التي يتم التعامل بها مع هؤلاء العمال الوافدين التي فيها هدر لكرامتهم، هي ما يتم الاعتراض عليها.
لا توجد أرقام رسمية حول أعداد العمال الوافدين في الاردن، وتحيط الجهات الرسمية هذه الارقام بالسرّية، وتختلف عملية كشفها حسب الظرف الذي تعلن فيه، فعلى لسان أحد الوزراء السابقين في ورشة عمل، قبل سنوات كشف عن ان عدد العمال الوافدين في الأردن يتجاوز المليون و200 ألف، أغلبهم غير حاصلين على تصاريح عمل، وقيل وقتها ان عدد العمال المصريين المخالفين لقانون الاقامة يبلغ 700 ألف، الا ان الارقام شبه المتفق عليها تؤكد ان اعداد العمال الوافدين تصل إلى 600 ألف بينهم 400 ألف مصري، غير أن المسجلين لدى وزارة العمل فقط 206 آلاف عامل، ومن هنا تنتهك حقوقهم.
ليس المهم طريقة تنظيم وجود العمال الوافدين خاصة المصريين، لكن المهم طريقة التعامل معهم، فهم ليسوا مجرمين، ولا فارين من وجه العدالة، هم ـــ رضينا بهذا التقويم أم لم نرض ـــ لهم الانجاز الأكبر في مشاريع البنيان في الأردن، لا سيما انهم يشكلون 70 % في مجمل قطاعات العمل، لاسيما القطاع الإنشائي، كما خلقوا مهنا في الاردن لم تكن موجودة أصلا، فنسبة حراس العمارات في الاردن من المصريين، تكاد تكون فوق 90 %.
هل نجافي الحقيقة عندما نقول إن العامل المصري يستطيع التكيف أكثر مع متطلبات الحياة من عمالنا؟ ألم يخلقوا في الاردن مهنة غسل السيارات أمام العمارات والمؤسسات؟ ألم يحولوا طشتا واسفنجة إلى مهنة يتكسبون منها، ويحسنون دخلهم، هل يقبل العامل الاردني القيام بهذه المهن البسيطة؟.
لنعترف أكثر وبصراحة عالية، أليس العامل المصري ـــ باعتراف معظم أصحاب العمل ــ اكثر انتاجية والتزاما واقل تكلفة؟ ألم يغطوا النقص في القطاعات التي يتقاعس الأردنيون عن العمل بها مثل الزراعة والخدمات.
في قانون العمل الأردني، لا يوجد تمييز بين العامل الوطني والوافد، باستثناء حق الانتساب الى النقابات العمالية، وهذا الحق أساسي للعمال، لكن الاساس الذي يبحث عنه العامل الوافد هو الاحترام وتغيير النظرة الدونية له من قبل الاغلبية، وبالاساس التعامل الحضاري معهم من الجهات التفتيشية.
قضية العمال الوافدين، وحصولهم على اقامات وتصريح عمل هي الملف الاكثر وجعا لحكومات الدول الخليجية، وتعلم وزارتا الداخلية والعمل الواقع الذي يعيشه العمال الوافدون، حيث اصبحت رائجة لدينا تجارة الاقامات، حيث يضطر العامل الى ان يدفع مبلغا من المال لتأمين تصريح العمل، ومن حيث ظروف حياتهم وسكنهم كل (7-10) في غرفة واحدة، وحمام مشترك وظروف ليست طبيعية، ومع هذا لا تحركان ساكنا في الدفاع عنهم، كما لا تدافع عنهم النقابات العمالية والمؤسسات الحقوقية.
(العرب اليوم 2015-06-09)