البخيت .. لم تثبت إدانته

المدينة نيوز- خاص- كتب محرر الشؤون المحلية - : لم يكن قد مضى على تسلمه منصبه في قيادة الامن الوطني سوى اسبوع واحد، حتى تم تكليفه بتشكيل الحكومة، حيث جاء إلى موقعه نهاية عام 2005 في رئاسة الوزراء، من خارج توقعات الصالونات السياسية، فهذا العسكري الذي عمل دبلوماسيا ًويحمل لقب الدكتور، لم تكن الطريق سالكة تماما أمام عجلة حكومته التي كان عليها أن تتعامل مع كثير من المتغيرات المحلية والإقليمية، منها تداعيات حرب تموز 2006 على لبنان، وان تواجه كذلك في صيف عام 2007 تداعيات أزمة تلوث المياه في منشية بني حسن بالمفرق، كما كان عليها أن تتعامل أيضا مع تداعيات جريمة إعدام الرئيس صدام حسين وانعكاساتها في الشارع الأردني، وان تلاحقها الأسئلة الوطنية الكبرى حتى بعد مغادرتها للدوار الرابع .
إلا أن ما يسجل لحكومة الدكتور معروف البخيت أنها ضمت في فريقها وزيرا ًيقود حزبا ًسياسيا ًمعارضا ًهو الدكتور محمد العوران الذي أحرج الحكومة في موقفه من قضية اغتيال الرئيس صدام حسين، حينما تصرف على غير هوى بوصلة الرئاسة، ويسجل لها أيضا استكمالها منظومة قانون إشهار الذمة المالية، وقانون ديوان المظالم وهيئة مكافحة الفساد، وشمول جميع الأردنيين الذين تزيد اعمارهم على الستين عاما ًبمظلة التأمين الصحي، وفي عهد حكومته تم نقل عدد من الأسرى الأردنيين من السجون الإسرائيلية ليقضوا ثمانية عشر شهرا اسرى في وطنهم قبل أن يتم إطلاق سراحهم.
قبل غزو العراق واحتلاله عام 2003 كان الدكتور معروف البخيت يشغل منصبه سفيرا ًفوق العادة في أنقرة، وهناك تعرف إلى بعض جوانب اللعبة الدولية من عاصمة إقليمية رفضت المشاركة في العدوان، ولذلك فإن أبا سليمان ربما يكون من أكثر المراقبين قدرة ًعلى فهم تداعيات الموقف التركي من العدوان على غزة، وهو موقف تميز عن كثير من المواقف الرسمية العربية، والطموحات الاقليمية للرئيس اردوغان .
انتقل أبو سليمان من مكتبه في أنقرة، ليصبح سفيرا ًفوق العادة في تل أبيب، وصار قادرا على التحدث باللغة العبرية، وهو يعرف في داخله أن هذا المنصب مرفوض من الشارع الأردني، لكنه تعرف عن كثب إلى العقلية الإسرائيلية التي تعامل معها قبل عقد على تسلمه منصبه وهو يشارك في لجان المفاوضات مع إسرائيل بعد توقيع اتفاقية وادي عربة .
العمل الدبلوماسي لم يسحب عن وجه الدكتور معروف البخيت القسمات الجدية التي اكتسبها من عمله طويلا ً في المؤسسة العسكرية التي تولى فيها مهمات عديدة، وهو الحاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الإستراتيجية من المملكة المتحدة، لذلك حافظ أبو سليمان على مسافة معقولة بين مكتبه في الدوار الرابع وبين منابر السلطة الرابعة، حيث ظل مقلا في تصريحاته الصحفية رغم سخونة الأحداث التي رافقت عمل حكومته في العامين اللذين قضاهما رئيسا .
بعد تفجيرات فنادق عمان التي حدثت في تشرين الثاني 2005 تسلم الدكتور معروف البخيت مهماته رئيسا ًللوزراء، وهو القادم إلى هذا المنصب من مؤسسة أمنية عليا، لذلك شاع اعتقاد في الشارع الأردني أن حكومته ستغلب الخيار الأمني على الخيار السياسي، ما فرض على مؤسسات المجتمع المدني التعامل بحذر واضح مع الحكومة التي تعرضت خلال عامين إلى تعديل واحد فقط.
الدبلوماسي القادم من المؤسسة العسكرية احتل مقعده في نادي رؤساء الوزارات، كما احتل مقعده في مجلس الأعيان ليكون شريكا ًفي أداء السلطة التشريعية، وهو العارف جيدا بأسرار عمل السلطة التنفيذية، وطبيعة الخطوط والنوافذ السرية والعلنية المفتوحة بين السلطتين.
الدكتور معروف البخيت المولود عام 1947 عمل مديرا للأمن الوطني، كما عمل مديرا ًلمكتب جلالة الملك بالوكالة، ويقول مقربون منه : انه قاد عجلة الحكومة بعقلية عسكري لم يغادر ثكنته، إلا أن بعض أعضاء حكومته لم يكونوا " عسكريين منضبطين " .
رغم انتقال إقامة أبي سليمان من شرق عمان إلى غربها، إلا أن الرجل حافظ على منظومة علاقاته الشخصية، في الوسطين السياسي والعسكري، رغم أن ملامحه الخارجية توحي بأنه غير قادر على الابتسام، حتى وهو متحلل من تبعات الوظيفة الرسمية .
مقربون من الرئيس معروف البخيت يؤكدون أن فترة العامين اللذين أدار فيهما العملية السياسية من مكتبه في الدوار الرابع، جاءت بطابور من الخصوم، جاهر بعضهم بكلام لم يعجب العسكري الذي امتهن العمل السياسي .
هو أكثر رئيس وزراء تأزمت علاقته بالاخوان المسلمين بعد الروابدة ، ولولا رفض الملك لأمر بحل الجماعة دون أن يحسب جيدا تداعيات مثل هذا القرار اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا ، وهي غلطة الشاطر الذي أوشك البخيت على الوقوع فيها ، على اعتبار أن هؤلاء جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني للبلد كما صرح الملك أكثر من مرة .
حدثان أردنيان بارزان ربطا بين بداية ولايته ونهايتها، فإذا كان الدكتور البخيت جاء إلى منصبه بعد تفجيرات الفنادق، فانه سلم مفاتيح الدوار الرابع بعد إعلان نتائج انتخابات البرلمان الخامس عشر التي اتهمت الحكومة فيها بالتزوير، في وقت لم تكن فيه العلاقة هادئة تماما مع الأحزاب والنقابات التي لم تحصل على ما وعدت به الحكومة من إصلاحات.
من مفارقات مسيرة الرجل ، ارتباط اسمه بـ " الكازينو " مع أن الأيام أثبتت أنه هو الذي أوقف الصفقة، ولكن منتقديه يحملونه وزر إبرامها من الأساس .
ومن سقطات البخيت الإعلامية إصراره أن حكومته لم تقم بتزوير الإنتخابات ، وهو إصرار طالما تمنى مريدوه أن يتراجع ولو بالتدريج ، فالبراءة من هكذا فعل مستحيلة ، والبخيت – المتهم – مصر أنه لم تثبت إدانته !.