نايف القاضي .. قبل وبعد أن حط به المقام في الداخلية !

المدينة نيوز – خاص – محرر الشؤون المحلية - : يتم تصنيف وزارة الداخلية على انها احدى الوزارات السيادية في الدول، والإمساك بمفاتيحها لا يخلو من الصراع في الحكومات التي تتشكل في العادة على اساس حزبي او نيابي، لكن الطريق الى الدوار الذي يحمل اسم الوزارة ظل سالكا، للمرة الرابعة، امام نايف القاضي الذي عمل دبلوماسيا لمدة تزيد على ربع قرن، تعرف خلالها على عادات الشعوب وثقافاتها في شرق الكون وغربه.
من بغداد، وعندما كان البعثيون يركزون ادوات سلطتهم في العراق، تخرج نايف القاضي من كلية القانون والسياسة، يحمل البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1969، وقد عايش اثناء اقامته في عاصمة الرشيد حكم ثلاثة رؤساء عراقيين هم الأخوان عبدالسلام وعبدالرحمن عارف واحمد حسن البكر، ليتعرف الى اسرار الحياة البغدادية بشكل عام، والى تفاصيل الحياة في حي الأعظمية والوزيرية بشكل خاص، ويعود من بغداد حاملا شهادته الجامعية والى جانبها قسيمة زواج من زميلته التي صار اسمها لاحقا ام خالد.
الشاب الذي تخرج لتوه من الجامعة، عاد الى بغداد عام 1970 ليصبح قائما بالأعمال في السفارة الأردنية فيها، واذا كانت الاجواء السياسية والاجتماعية في العاصمة التي قضى فيها اربع سنوات، لم تكن غريبة عليه، فإن الغرابة قد تكون ارتسمت على وجوه بعض زملائه الذين كانوا ما يزالون بعد على مقاعد الدراسة الجامعية، لاسباب متفاوتة.
نايف القاضي، الذي ثبت اسمه في سجلات وزارة الخارجية دبلوماسيا، تم تعيينه عام 1974 قنصلا في السفارة الأردنية في لندن، ليعود مرة اخرى الى عاصمة الضباب بعد عشر سنوات، اي في العام 1984 مستشارا للسفارة الأردنية فيها، وفي عام 1980 تم تعيينه نائبا لمندوب الأردن الدائم في جامعة الدول العربية، وهي الفترة التي انتقل فيها مقر الجامعة من القاهرة الى تونس، اثر المقاطعة العربية للقاهرة على خلفية زيارة السادات للقدس المحتلة وابرامه لاتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل، ليعود بعد اكثر من عشر سنوات ليصبح مندوبا دائما للأردن في الجامعة التي عاد مقرها الى القاهرة، ويكتشف نايف القاضي حجم الفرق بين دور الجامعة ووظيفتها في تونس مقارنة بالقاهرة، وطبيعة الدور الذي يلعبه امين عام الجامعة بين صورتي الشاذلي القليبي و عمرو موسى، في وقت لم تكن الأجواء السياسية والإجتماعية في القاهرة غريبة عليه، بعد ان تم تعيينه سفيرا للأردن فيها عام 1993.
وتشير السيرة الوظيفية للدبلوماسي الذي أصبح وزيرا للداخلية في التعديل الأول على حكومة المهندس نادر الذهبي، انه عمل سفيرا للمملكة في قطر عام 1989، كما عمل قائما باعمال السفارة الاردنية في بيروت عام 1983، اي بعد الاجتياح الاسرائيلي وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
نايف القاضي المولود في حوشا عام 1944، ما زال يقدم نفسه بدويا، حيث ينتمي لبدو الشمال، غادر ملاك وزارة الخارجية منذ اصبح عضوا في مجلس الأعيان عام 1997، ليختاره الدكتور فايز الطراونة وزيرا للداخلية في حكومته، وهي مهمة لم تكن سهلة على رجل قضى سنوات طويلة في السلك الدبلوماسي، خاصة ان حكومة الدكتور الطراونة شهدت تطورات مهمة على الصعيد الداخلي، تمثلت في رحيل الملك الحسين وتغيير ولاية العهد، وتسلم الملك عبد الله الثاني لمهامه الدستورية، وما تطلبه ذلك من عمل مرادف على صعيد اجهزة وزارة الداخلية، ليذهب الرئيس عبدالرؤوف الروابدة لاسناد المنصب ذاته لنايف القاضي، الذي تسلم منصبه الوزاري في الحكومة الأخيرة للمملكة الثالثة، والحكومة الأولى للمملكة الرابعة، ليصبح نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للداخلية في حكومة سمير الرفاعي التي شكلها نهاية 2009.
بين اقامته سفيرا في الدوحة عام 1989 واقامته سفيرا في القاهرة عام 1993، شارك الدبلوماسي نايف القاضي في المفاوضات مع اسرائيل، التي بدأت بعد مؤتمر مدريد في خريف 1991 وافضت الى توقيع اتفاقية وادي عربة، التي ما تزال مثار جدل في الشارع الأردني.
وخلال مسيرته الوظيفية التي تقترب من اربعين عاما، حصل ابو خالد على وسامي الاستقلال من الدرجتين الأولى والثانية، وبحكم عمله الدبلوماسي شارك في عدد من مؤتمرات القمة العربية، العادية منها والطارئة، وفي مؤتمرات اقليمية ودولية متعددة العناوين والاختصاصات، وتعرف الى عدد من رؤساء الدول والحكومات، وارتبط بشبكة واسعة من العلاقات مع دبلوماسيين من مختلف الجنسيات.
منذ تسلمه حقيبة الداخلية للمرة الأولى عام 1998، ادرك نايف القاضي ان حجم التوافق في سياسات وزراء الداخلية العرب ومواقفهم، لا يمكن مقارنته بحجم التوافق في سياسات وزراء الخارجية ومواقفهم، فالضرورات الأمنية تلملم شمل ما فرقته مواقف السياسة والدبلوماسية، الى درجة يمكن فيها القول ان اجتماعات وزراء الداخلية العرب تمثل نموذجا لوحدة الموقف والتضامن الرسمي العربي، حيال التحديات التي تواجه الجميع.
ازمة سحب الجنسية من مواطنين اردنيين من اصل فلسطيني واجهت نايف القاضي ، وتعدت حدود مكتبه الى خارج الوطن حين اثارتها منظمة هيومن رايتس ووتش، في وقت يتم فيه منح الجنسية لمواطنين من شتى المنابت والاصول، وهي قضية لن تغيب عن بال الراي العام التي يرى فيها قضية تخترق نسيج الوحدة الوطنية فيما يؤيدها قسم آخر من الأردنيين .
في وظيفته الراهنة يتعامل ابو خالد مع ابن شقيقه الباشا مازن القاضي مدير الامن العام، بما تقتضيه طبيعة الوظيفة الرسمية، وربما يكون متعاطفا مع "انسبائه " العراقيين الذين وجدوا في الاردن ملاذا آمنا بعد احتلال وطنهم.