الصائمون عن الكرامة

ما يضايقك في رمضان ليس العطش والجوع، بل انه لم يعد ذاك الرمضان المتخم بالخير، الممتلئ بالعبادة و بصفاء النوايا. جوعك لا يقارن بوجع اطفال صائمين عن وطنهم في الخيام التي أُعدت لهم على عجل . وعطشك ارتواء قياساً بعطش امهات ولدن في حضن بردى والفرات ودجلة .ابناء الماء الان بلا ماء، والكلأ ما تتصدق به الايادي التي كانت ذات زمن قصيرة على حبة قمح تملأ سهول حوران من اول اربد الى آخر الشام . الشام الآن يتيمة القمح والخوخ والكرز . تصوم على قذيفة وتفطر على قبلة موت لا تدري من اي فم مسموم سقطت . لكنك تدري من وضع السم في عين الفيجة ومن سرق الماء من بردى والكحل من عيون السوريات . تدري ان الحكاية ليست حكاية نظام ومعارضة ولا حرية ودكتاتورية، فما كان اسهل من ان تقلب نظاماً في الشام وتاتي بغيره. بضع دبابات تحاصر القصر الجمهوري، السيطرة على الاذاعة و...اعلان البيان رقم واحد . وما ينطبق على الشام ينطبق على اختها بغداد . لم يكن ازاحة «الدكتاتور» تحتاج الى احتلال البلاد ولا الى تمزيق اوصال الناس وقطع شرايين الحياة بين المدن والقرى .ولا الى ايقاظ الفتنة بين طائفة وطائفة ومذهب ومذهب و...حارة وحارة وهور وهور . كم كنت آمنة يا حلب وادلب وحمص والحسكة ودرعا . كم كان حلوا رُطبك يا بغداد يا بصرة يامن يلتقي في حضنك الفرات و دجلة يا شط العرب يا الرمادي ،زهية زهورنيروزك يا اربيل يا عين العرب يا الحسكة !! عندما سألوا بوش الصغير : ماذا عن اسلحة الدمار الشامل التي تذرعتم بها لاحتلال العراق ؟ قال وهو يداعب كلبه في كامب ديفيد sorry we didn.t find it هكذا بكل بساطة وصفاقة « آسف لم نجدها ! لم يكن الهدف النظام بل كان العراق . والآن سلاحهم داعش والنصرة، اينما سقط قتيل بقنبلة حطت احداهما قدمها وكلما حطت قدم رسمت الخارطة الجديدة للمنطقة، منطقة ما بعد الدولة وما بعد العرب ! هذا زمن الصائمين عن الكرامة، العربي عدو العربي ، والمسلم قاتل المسلم ، زمن الفتنة الكبرى التي يشعلها احفاد شايلوك وبغايا سالومي التي اغوت الحاكم الروماني بان تقدم له ابنتها لليلة مقابل ان يأتيها برأس النبي يحي « يوحنا المعمدان» على طبق من فضة . الآن سالومي منا وفينا والنبي يحي نقتله كل يوم وفي كل شارع وحي . لا كرامة لحي في الارض العربية ولا حياة لمن تنادي، ولا من يسمع انكم «أُكلتم يوم اُكل الثور الابيض « ! *يوزعون عليكم الرغيف في المنافي يا من زرعتم ذات تاريخ قمح العالم ......تباً للزمن الأغبر !! * في الزمن العربي الرديء ..الموت هو الشاهد الوحيد على الحياة..!! 

(الدستور 2015-06-27)