الماء أثمن مادة على سطح الأرض

الطلب العالمي على المياه تفوق أو في طريقه للتفوق على الإنتاج ، مما ينذر بازمة مياه قد تكون سبباً في قيام حروب طاحنة للسيطرة على مصادرها.
يبدو أن هناك إسرافاً على مستوى العالم في استهلاك المياه يجب الحد منه. الاقتصاديون يرون أن الحل يكمن في رفع السعر بحيث يضطر المواطن لتقليل استهلاكه بقدر الإمكان ، ولكن هذا الحل ليس انسانياً ، ويلحق الأذى بمحدودي الدخل بالرغم من الاعتراف بأن الماء هو أثمن شيء في الطبيعة.
السعر الذي يدفعه المواطن لكل متر مكعب من الماء لا علاقة له بكلفة الإنتاج ، بل بمستوى الدخل ، فالشعوب ذات الدخول العالية تدفع أضعاف ما تدفعه الشعوب الفقيرة ، وعلى سبيل المثال فإن سعر المتر المكعب من الماء في كوبنهاجن يزيد عن 7 دولارات في حين لا يزيد السعر الذي يدفعه المواطن المصري عن 10 سنتات ، أي أن المواطن الدنمركي يدفع في المتر المكعب من الماء 70 ضعف ما يدفعه المواطن المصري!.
يبلغ سعر الماء للأغراض المنزلية حده الأقصى في أوروبا الغربية بالرغم من كثرة الأنهار وغزارة الأمطار ، في حين ينخفض سعر المياه إلى مستوى متدن في بلدان العالم الثالث الفقيرة. وفي معظم الاحيان يقل السعر عن الكلفة ، وتغطي الحكومة الفرق بالدعم الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الاستهلاك وتفاقم المشكلة.
الأردن خال من الأنهار وشحيح الأمطار ، وموارده المائية محدودة للغاية ، وحتى المياه الجوفية أصبحت مهددة بالنضوب أو التملح ، وقد جاء مشروع جر مياه الديسي ليخفف الأزمة ولكنه لا يقضي عليها ، ثم جاء اللجوء السوري الكثيف ليزيد الطين جفافاً.
سعر المتر المكعب من الماء في الأردن للأغراض المنزلية يتوقف على حجم الاستهلاك كمؤشر للقدرة على الدفع. وهو يهبط إلى 20 سنتاً لأصغر مستهلك ويصل إلى 26ر2 دولار لأكبر مستهلك ، يضاف إليه 50% للصرف الصحـي. وتتحمل سلطة المياه خسارة سنوية كبيرة تثير القلق من وجهة نظر مالية ، مما يجعل رفع أسعار المياه جزءاً يصعب تجنبه من برنامج الإصلاح الاقتصادي.
سيكون القطاع الزراعي أول ضحايا نقص المياه تطبيقاً لأولوية مياه الشرب على مياه الري ، خاصة وأن القطاع الزراعي يستهلك نسبة كبيرة من مصادر المياه المتوفرة ويسهم بنسبة صغيرة في الاقتصاد الوطني.
(الراي 2015-07-02)