نمو اقتصادي لا ينعكس على حياة المواطن

من الشائع القول بأن تحسن المؤشرات الاقتصادية مثل النمو الاقتصادي وارتفاع حصة الفرد من الدخل لا تؤدي للشعور بالرضى والتحسن بل على العكس من ذلك يرتفع مستوى التذمر الشعبي بحجة أن هذا التقدم حدث على الورق ولم ينعكس على حياة المواطنين!
هذا الادعاء كان يثير الغضب، فلماذا لا يشعر صاحب سيارة مثلاً بالتحسن من انخفاض أسعار المحروقات إذا أصبح يوفر 50 ديناراً في كلفة بنزين سيارته شهرياً. ولماذا لا يشعر بالتحسن من ارتفاع دخله هذه السنة بنسبة معقولة.
يبدو أن هذا (الإنكار) للتحسن الاقتصادي والاجتماعي الملموس لا يقتصر علينا في الأردن، بل تشاركنا فيه معظم الشعوب العربية، وتعترف به وتؤكده إحدى الدراسات المنشورة في مجلة FD التي تصدر عن صندوق النقد الدولي.
تقول الدراسة أن حصة الفرد المصري من الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت بنسبة 34% بين سنة 2005 و2010، ومع ذلك فإن عدد المصريين الذين (اعترفوا) بأن أوضاعهم الاقتصادية تحسنت انخفض في الفترة ذاتها من حوالي ثلث السكان في عام 2005 إلى 12% فقط في 2011. أما في تونس فقد انخفضت نسبة المتفائلين عن 24% في 2008 إلى 14% في 2010 بالرغم من النجاح الذي حققه الاقتصاد التونسي.
الأردنيون لا يختلفون عن إخوانهم العرب الآخرين، فهناك تأكيدات متواترة بأن الإصلاح والنمو الاقتصادي، وحتى انخفاض أسعار البترول إلى النصف، لم ينعكس على حياة ومزاج المواطنين الذين ما زالوا يتذمرون من أن أوضاعهم من سيء إلى أسوأ!
علماء الاجتماع في بلدنا مطالبون بتفسير هذه الظاهرة، وتحديد الأسباب التي تسبب طلاقاً بين الواقع كما تحدده الارقام والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وبين الشعور كما يعبـّر عنه المواطن العادي وأحياناً المعلق الاقتصادي وخاصة إذا كان مسيساً.
التفسير الذي يخطر ببالنا أن هناك فجوة تزداد اتساعاً بين ارتفاع الواقع المعاش وارتفاع منسوب التوقعات، فالمواطن لا يقارن وضعه الاقتصادي اليوم بما كان قبل سنة أو عشر سنوات، بل يقارنه بتوقعاته وطموحاته المتضخمة.
سؤال: هل تستطيع العيش على دينار واحد يومياً؟-حوالي مليون أردني يعيشون على أقل.
(الرأي 2015-08-02)