النافذة الاستثمارية فشل مقرر سلفاً

في التداول أفكار كثيرة جذابة تبدو مقنعة لدرجة البداهة ، يكررها الكثيرون وكأنهم يشيرون إلى بديهية غائبة عن أذهان الآخرين.
النافذة الاستثمارية مثال على الأفكار الجميلة غير القابلة للتطبيق ، لأنها لا تستطيع أن تعطي موافقات لمشاريع كبرى نيابة عن الجهات المختصة التي تشمل: وزارات الصحة ، والسياحة ، والبيئـة ، والعمل ، والشؤون البلدية ، والنقل ، والطاقة ، والمياه ، وأمانة عمان الكبرى ، وأخيراً وليس آخراً مؤسسة الغذاء والدواء ، ومؤسسة المواصفات والمقاييس.
كل واحدة من هـذه الجهات مطالبة بأن ترسل موظفاً يمثلها في النافذة ، وهي تعرف أنه لا يستطيع أن يأخذ قراراً بالموافقة أو الرفض ، وما على كل موظف من هؤلاء أن يعود إلى وزارته أو مؤسسته التي تأخذ موقفاً بعد دراسة ونقاش على مستوى المسؤولين يعود به الموظف إلى النافذة كساعي البريد!.
التأثير الوحيد لوجود النافذة هو تفويض موظفين صغارا بتمثيل المستثمر وتقديم وجهة نظره لدى تلك المراجع ، وهو لا يستطيع أن يدافع عن المشروع المعني ، ولا أن يرد على الاعتراضات والاستفسارات التي قد يطرحها عليه رؤساؤه.
قبل النافذة كان صاحب المشروع الاستثماري أو ممثل عنـه يذهب إلى الوزارات المعنية ، ويجيب على الأسئلة التي تطرح عليه ، ويرد على الاعتراضات الفنية ، وبالتالي تكون أمام المشروع فرصة أفضل مما لو كان ممثلاً بموظف ليس مخولاً بالتفاوض نيابة عن المستثمر.
إذا لم يكن هذا كافياً فإن تعليقاً للأخ طارق الدعجة في صحيفة (الغد) يقول أن تفعيل النافذة الاستثمارية يتطلب تعديل عشرة قوانين وتشريعات ، أي ان النافذة غير قادرة على الفعل ، والمستثمر غير قادر على المبادرة بالعمل ، بانتظار تعديلات قانونية لتفعيل نافذة لا لزوم لها.
ومن أمثال هذه الأفكار الفاسدة ذات القبول العام ربط مخرجات التعليم بسـوق العمل ، وهي فكرة لا تقبل التطبيق إلا في بلدان الحكم الشمولي ، حيث تقرر الدولة إعداد الطلبة من مختلف التخصصات. يكفي القول بأن تطبيق الفكرة في الأردن يستوجب إغلاق كليات الطب والهندسة لمدة عشر سنوات على الأقل لأن لدينا فوائض كبيرة من هذه التخصصات ، ويستوجب إغراء أو إجبار الطلبة على دراسة العلوم واللغات لحاجة وزارة التربية للمعلمين.
(الراي 2015-08-09)