تراجع المديونية المحلية في النصف الأول

توقع البنك الدولي أن ترتفع مديونية الأردن لمستوى 90% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية هذه السنة ، وهو توقع جانبه الصواب.
تشير أرقام النصف الأول من هذه السنة إلى أن الدين المحلي الإجمالي للحكومة انخفض بمقدار 233 مليون دينار ، لأن التسديد فاق الاقتراض. وتشير أيضاً إلى أن ودائع الخزينة لدى البنوك ارتفعت بمقدار 791 مليون دينار ، وبذلك تكون المديونية الصافية للحكومة المركزية قد انخفضت خلال النصف الأول من هذه السنة بمقدار 1024 مليون دينار.
من ناحية أخرى فإن المديونية الخارجية ارتفعت بمقدار 1060 مليون دينار (5ر1 مليار دولار) نتيجة لإصدار سندات يورودولار بكفالة أميركية بهذا المبلغ.
مع ذلك فإن صافي ديون المملكة (القطاع العام) لم ينخفض بل ارتفع خلال النصف الأول من السنة بمقدار 832 مليون دينار ليبلغ 21387 مليون دينار الامر الذي يدل على أن الوحدات الحكومية المستقلة وخاصة شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه اقترضت بكفالة الحكومة حوالي 795 مليون دينار أضيفت إلى المديونية.
مشكلة المديونية لم تعد تكمن في انخفاض الإيرادات المحلية أو ارتفاع النفقات الجارية ، أي عجز الموازنة ، بل تكمن في خسائر الكهرباء والماء ، واضطرار الحكومة تحت الضغط الشعبي والنيابي للإبقاء على تعرفات لا تغطي الكلفة.
التشخيص الصحيح للمشكلة يمثل نصف الحل ولكنه في هذه الحالة لم يفتح الباب لإصلاح أوضاع الكهرباء والماء ، وجعل المؤسسات العامة تسترد كلفتها حتى لا نقول تحقق أرباحاً تسمح بالتوسع والتطوير.
لو كانت المشكلة اقتصادية ومالية لكان الحل واضحاً كالشمس ، ولكنها سياسية وإعلامية ، فالأسعار المدعومة أبقار مقدسة لا ُتمس ، وإعادة الهيكلة خط أحمر ينتظر البعض تجاوزه بفارغ الصبر لكي يرفعوا أصواتهم بحجة حماية الشعب من الأسعار ولو أدى ذلك إلى إغراقه بالمديونية.
لا يجوز إصدار حكم نهائي على السنة بأكملها اعتماداً على أرقام النصف الأول منها ، فلا شك أنها ستتغير ، ربما بالاتجاه الإيجابي.
(الرأي 2015-08-10)