غنائم ونصابون ومغفلون

يقول المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله أن ما يحرك الإنسان العربي عبر التاريخ ثلاثة عوامل هي العقيدة والعشيرة والغنيمة.
بإساءة استخدام هذه العوامل يمكن توظيف العقيدة للعنف والإرهاب ، والعشيرة للتفرقة والفساد ، والنتيجة جماعات مصابة بالعمى وأفراد مسعورون متعطشون للدماء.
نترك العقائد والعشائر لأصحابها لنقف عند الغنائم كحافز يعمي البصيرة ويدفع لتصرفات لا يقبلها العقل.
استجابة للشراهة والرغبة في الحصول على غنيمة بدون مجهود ، أقبل كثيرون على استثمار مدخراتهم عند النصابين الذين وعدوهم بأرباح مضمونة هائلة لا تحدث في البورصات ، خاصة إذا كان معروفاً أن النصاب لا يفهم البورصات العالمية ، ولا يعرف كيف يتعامل معها ، ولو عرف فإن الأرباح غير مضمونة.
واستجابة للشراهة باتجاه الربح السريع (الغنيمة) بدون مجهود أقبل كثيرون على بيع سياراتهم وأملاكهم بأسعار تزيد كثيراً عن قيمتها شريطة الدفع المؤجل ، ولم يسألوا أنفسهم لماذا يقوم شخص ما بشراء السيارة بأكثر من قيمتها لمجرد أن الثمن لن يدفع إلا بعد أربعة أشهر.
واستجابة للشراهة بالربح السريع بدون مجهود ، يقوم مغفلون كثر بالاتصال مع أرقام هواتف فضائية عالية التكاليف ليجيبوا على حزورة سخيفة يعرف أي طفل جوابها ، ظناً منهم أنهم سيربحون 15 ألف دولار مكافأة على ذكائهم (غبائهم) ، دون أن يسألوا أنفسهم لماذا تقدم جهة ما 15 ألف دولار لمن يعرف اسم فاكهة من ثلاثة حروف أولها مثل آخرها ، أو يعرف الفرق بين صورتين إحداهما تنقصها أذن أو أصبع.
عمليات نصب عديدة تقوم على أساس استغفال المواطنين وإيهامهم بأن بإمكانهم أن يربحوا عشرات الآلاف لمجرد القيام بمكالمة هاتفية ، ودون أن يسألوا أنفسهم عن دوافع النصابين في تقديم هذه الأرباح والجوائز السخية.
الغفلة شائعة بين الناس وهم على استعداد لتقديم كل ما يملكون على أمل أن يعيد لهم النصابون رأسمالهم والأرباح خلال شهور معدودة.
عمليات النصـب والاحتيال المكشوفة كانت كافية ، تحت عامل الطمع والشراهة ، لاستخراج ملايين الدنانير من مجتمعات مصنفة على أنها تحت خط الفقر ، فالغنيمة قادرة على عمي الأبصار وإغلاق العقول.
من يطلب أموالك ويعدك بالربح المضمون هو مبدئياً نصاب ومن يستجيب له مغفل.
(الرأي 2015-08-21)