عودة الوعي لتوفيق الحكيم
ابحرت اليوم في كتاب عودة الوعي للراحل توفيق الحكيم ..حيث يقص علينا الفترة التاريخية لمصر مابين فترة 1952 حتي 1972 اي فترة عشرون عاما ..فترة سقوط عرش الملك فاروق وتولي اللواء محمد نحيب لحكم مصر ..وعزله عن طريق عبدالناصر ورفاقه...وهذا الكتاب لم يكن توفيق الحكيم يريد طبعه او نشره ..اﻻ ان صفحاته كان يدونها لشخصه ..وتم نشر صفحات منه دون علمه في مجلة فرنسية ..ولذلك قرر طبعه بعد سرقته ونشر صفحاته المكتوبة باﻻلة الكاتبة ...وهذا مهم جدا لكي نتعلم الدروس المستفادة من هذا الكتاب ونقرأ التاريخ بشئ من الحيادية وبعيدا عن التاريخ الموجه والمضلل .
ذكر الحكيم في كتابه كيف استطاعت مجموعة من الشباب الضباط من خلع الملك بعد ان استطاعوا من اقناع تمثال الثورة محمد نجيب والذي شبهوه "بجماليون"ولكن مع الفارق ان بجماليون حطم تمثاله الذي بناه لنفسه في مسرحية توفيق الحكيم ..اﻻانهم .....من جعلوه قائدا لهم ..ولكن هذا التمثال الذي صنعوه فقط لخداع الشعب والعامة من الناس بانه يقودهم قائد برتبه كبيرة.. .لواء.وكيف لهذا القائد الذي حاول ان ينهي دور الجيش في خلع الملك فقط ويعود لمهمته الرئيسية لحماية الدولة والشعب من اي خطر خارجي ...ولكن هؤﻻء الضباط اوقفوا حلم الضابط الكبير ﻻنه ليس دوره ..وما هو اﻻ تمثال صنعوه هم وهم من قاموا بهدمه في التوقيت الذي ارادوه ..علي الرغم من نصح جميع من حول اللواء محمد نجيب من التخلص من هؤﻻء الشباب اﻻ انهم تغدوا به قبل ان يتعشي بهم..وضربوا بالدستور والديمقراطية عرض الحائط ..ولم يكن هناك صوت يعلو صوتهم ..وفرح بهم الجميع ﻻنهم حرروهم من الملك ...اﻻ انهم عاشوا في سجنهم..وكيف لهذه الثورة بقيادتها الشبابية التي ليس لها تاثير في الشارع سوي اﻻنبها ر بما قام به الشباب وهناك احزاب قوية وبها رجال سياسية اقوياء ..فما كان من القائمين علي الثورة اﻻ اقامة محاكم ثورية وحلت اﻻحزاب القوية وتعرية رجالها امام الرأي العام ﻻضعافهم ..وقامت بالغاء اﻻلقاب ..باشا ..افندينا ..صاحب المقام ..واظهر الحكيم نقده لهذه اﻻلقاب ..حيث ان تشرشل نفسه لم يكن يلقب بهذه اﻻلقاب بل كان ينادي بمستر نفس لقب سائقه...واضعفت الثورة كل ما عداها اصحابها من رجال سياسية واحزاب وتفتت الجميع اﻻ هؤﻻء الشباب ..واوضح الحكيم كيف حتي الكتاب والمثقفين لم يهمهم ديمقراطية وﻻ دستور في ذلك التوقيت اﻻ اﻻنبهار بما فعله هؤﻻء الشباب...ولكنه عاد" يقول وكيف كنا نسير خلف هذه الثورة بدون وعي"...حيث ان القائمين عليها لم يريدو سلطة اعلي من سلطتهم وﻻ ارادة فوق ارادتهم في هذا البلد ..فبدا جميع الموظفين بمايسمي بالمضاربة ..وحملة التشكيك ..ووجدوا انفسهم امام مسئولين جبناء قرارتهم ضعيفة ..وتم تغيير الجميع كما يشاءون ..دون معارضة ﻻن الجميع يخشي اﻻتهام ..والشكوي فخاف الرئيس من مرؤوسية فزالت هيبته ..وكل هذا لم يكن من وجهة نظر توفيق الحكيم خطير ..مقارنتا بفترة الملك فاروق ..من حزبية ..وظلم اجتماعي ..وغيره من المساؤي ..وكم كان يتمني بمي يسمي بالحركة المباركة ..كما كتب عنها في كتاب.. شجرة الحكم ...
وبدا عبدالناصر يحكم الحكم المطلق حيث بدأ يتسلل الي قلوب الشعب ..ويقول الحكيم وبدأ اﻻسوار الحديد دون وعي منا نتيجة حبه ..واصبح يحكم واعتاد الحكم والتفرد بالقرارات ..ولم نكن ندرك خطورة ذلك ﻻننا سرنا خلف عواطفنا ..ولم نفكر بعقولنا ...ما نتيجة ذلك..وكان يعتلي المنصة وكان يشعرنا بالفخر باننا شعب يحكمنا هو ..وكم كانت الدول تظهر من حديثه وكانها اقزام من حولنا ويحدثنا عن امتﻻكنا لقنيلة زرية وليشرب من البحر من يعارضنا ...ويستنكر الحكيم علي نفسه ..كيف ينساق الي هؤﻻء المهللين والمكبرين وهو من اهل الفكر والرائ وفي كهولته لهذا التكبير والتهليل دون تفكير وﻻ وعي..وان ينشل تفكيرة حول خطورة الصورة التي ترسم لهم ..واصبح عبدالناصر الرئيس المعبود ولم يعد صوت يجرئ علي نقده او توجيه رأئ مخالف لفكره او لعقيدته ..مصر بصحفها ومفكريها وكتابها ..الجميع اصبح في خندق المعبود ...واصبح في درجة قداسة اكبر من اﻻنبياء والرسل علي حد وصف توفيق الحكيم ..ﻻن اﻻنبياء والرسل كان يختلف معهم ...ويجدون من يجادلهم ..
ويقول الحكيم وجعلتنا اجهزة الدعاية باغنياتها وطبلها ومزمارها وكاننا دولة صناعية كبري ..ودولة يشهد اكبر عملية اصﻻح زراعي ..نمتلك القوي التي نستطيع ان نصبح بها اكبر قوي في الشرق اﻻوسط وبوجه القائد المعبود الزعيم في المنصة ..وكان اﻻتحاد اﻻشتراكي يحشد الفﻻحين وانصاره ويوفر لهم التزاكر من اجل الحشد ويوزع عليهم الهتافات في اوراق مطبوعه ..ناصر ..ناصر ..يحيا عبدالناصر.فليحيا قائد الثورة ...القائد الزعيم ..وغيرة من الشعارات ..بحشد جماهيري ..وينهي الكاتب كتابه بكوارث حرب اليمن ..و67 ..ويستعجب الحكيم من نشر كل القوات بطريقة استعراضية المدرب منها والغير مدرب والذي انتهي بهزيمة ساحقة دمر جيشنا فيها ...ويذكر ان توفيق الحكيم ..في اغلب صفات كتابه كان يصر علي ذكر انه كان يحب عبدالناصر بقلبة ...ولكن فقد وعيه ..في الحكم عليه ككاتب كان يجب عليه ان يري اﻻمور ليست بالغطاء الذهبي الذي كان يراه البسطاء من الناس .