حكي فاضي وكلام فارغ

كيف يمكن فهم تراجع النواب عن مواقفهم أمام الحكومة التي تتغلب عليهم باستمرار ونصرها أمس عليهم بفرض إقرار قانون اللامركزية كما جاء منها لن يكون الأخير. والمتتبع للأمر كاد أن يصدق بإرادة النواب خلال المناقشات وفرض تعديلاتهم واقتراحاتهم لكثرة ما بدوا متشددين بالصوت العالي ومظهر الإصرار، لكن الذي تكشف ليس جديدا والذي تمخض هو تماما كما في المقولة الشعبية.
يتطاير الحديث منذ أيام عن قرب رحيل الحكومة، وفي واقع الأمر إن كل المؤشرات الدالة للاستشهاد انما هي في الواقع بقائها، والحال ينم عن إظهار واطلاق الرغبات عساها تتحقق كأمنيات أملا بفرص الاحلال، وطالما الحديث عن الرحيل يأتي من الدائرة ذاتها التي منها الحكومة أساسا؛ فالأكيد ان التفكير بتغييرها ليس واردا ولا هو أساسا متطلب باعتبار أن المرحلة على حالها وما زالت مرحلة حكومة النسور.
لو أن الظروف نفسها الآن التي كانت مطلع الربيع العربي الموؤود لرأيت الناس يخرجون بشعار الشعب يريد تغيير البرلمان وليس الحكومة هذه المرة، وسيدخلون في كنف الحكومة أفواجا فوق ذلك نكاية بالنواب. والغريب أمام اداء النواب القول بحل الحكومة وليس مجلس النواب الذي هو أولى، غير ان اتجاه الريح ومن يضع الأشرعة ويتحكم بالمراكب لا يجد غضاضة في التهالك العام للسلطة التشريعية، وأفضل من أعضائها للمون عليهم باللامركزية وما كان قبلها والذي سيأتي بعدها وقد يكون أعظم.
بالمجمل، فان الوضع العام والحالة الراهنة جراء ما يجري إقليميا فرض أنماطا جديدة للتفاعل الوطني السياسي والاقتصادي على أطراف المعادلة الوطنية الرسمية والشعبية، والطبيعي ان يستغل الرسمي الاجواء برمتها لصالحه في تركيز الحكم وتمرير كل ما يراه مناسبا له، وهذا الذي يجري الآن، ومن الطبيعي كذلك في ضوء النتائج التي تتحقق في دول الاقليم الملتهبة ان ينكفئ الشعبي ويتقوقع في اطار ضيق منتظرا تغير الوضع لينطلق من جديد، وهذا ما يحدث الآن أيضا.
(السبيل 2015-08-25)