وطن من الماء الى الدماء!!

تم نشره السبت 29 آب / أغسطس 2015 02:32 صباحاً
وطن من الماء الى الدماء!!
رشاد ابو داود

كنا نسميه من المحيط الى الخليج ومن جنوب السودان الى زاخو شمال العراق.. الوطن واحد والأمة اختارها الله ليبعث منها الرسل والانبياء الى البشر في كل انحاء العالم. منها خرج موسى وعيسى ومحمد ليضيئوا الكون بالايمان والتوحيد، فانتشر دين موسى من الحبشة الى روسيا الى اميركا، كذلك حمل تلامذة عيسى المسيح دينه من فلسطين الى كل اوروبا والامريكيتين وافريقيا الى ان بعث الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) ليتم رسالة موسى وعيسى وليكون خاتم النبيين والمرسلين، يدعو الناس الى الاسلام باللين والموعظة الحسنة ولتصل دعوته من شرق شرق آسيا الى وسط اوروبا الى غرب غرب الارض والى جنوب جنوبها. بقي الوطن العربي -الذي خرجت منه ديانات التوحيد الثلاث- مركز الكون وسرة الارض وعاش فيه ابناؤه بمختلف اديانهم وانتماءاتهم موحدين ملتصقين بالارض ينظم العلاقة بينهم دين حنيف ويربطهم الدم وصلة القربى والنسب ما جعله بوتقة تنصهر فيها كل الاختلافات والخلافات فتوحد مسلموه ومسيحيوه في الدفاع عنه ضد الحملات المنسوبة للصليب ولنا في عيسى العوام الذي كان احد قادة صلاح الدين الايوبي في تحرير القدس وبطل حصار عكا، بالرغم من الجدل حول ديانته شاهدا على العلاقة بين الارض العربية والشعب الذي يعيش عليها، كما لنا في العربي المسيحي رئيس الوزراء السوري فارس الخوري الذي احتمى بإخوته المسلمين، عندما اعتلى منبر الجامع الأموي العام 1944مخاطباً المصلين:» إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله ... فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وخرجوا به إلى أحياء دمشق القديمة في مشهد وطني مازال يتذكره السوريون والعرب. اما نحن ابناء اؤلئك الذين عاشوا اخوة في المدينة والقرية والمخيم، ابناء الارض والزيتون ولقمة الخبز المغمسة بالنقاء، فلم يكن يميز بيننا في المواطنة شيء سوى صدق المواطنة وصفاء الانتماء للامة العربية . لا عدو الا من اغتصب عروس عروبتنا ومن احتل فلسطيننا .لم يكن الخلاف يتعدى فلسطين التي نسيها المختلفون اليوم حول جنس الملائكة وايهما اولا البيضة ام الدجاجة . هل كنا بحاجة لكل هذه الدماء والاشلاء والتشرذم لنقضي على الطغاة من حكام وامراء حروب وقتلة وفاسدين؟ وهل نحن بحاجة لاستنزاف قوانا واقتصادنا واموالنا لنشتري حرية مشبوهة ثمنها تفتيت نسيجنا العربي داخل كل دولة عربية ؟ يقولون ان الثورات تحتاج الى عشرات السنوات لتعطي ثمارها ويحلو لهم ايراد مثل الثورة الفرنسية ولا يذكرون ان بريسترويكا غورباتشوف هدمت سبعين سنة من عمر الاتحاد السوفييتي دون اراقة دماء، ولا يذكرون ان ثورات دول اوروبا الشرقية حدثت -ايضا- بازاحة الانظمة الموالية للسوفييت دون ان تقتل الشعوب بعضها بل ان الثورة ضد شاوشيسكو رومانيا بدأت بمظاهرات امام القصر الجمهوري بالطناجر والملاعق تعبيرا عن الاستياء من الوضع الاقتصادي وليس بالاسلحة من الغرب وممن له مصلحة في تقسيم دول العرب . لسنا في وارد سرد تاريخي لنثبت ان الهجمة التي تتعرض لها الامة العربية الآن ليست وليدة اليوم بل ممتدة من العصور الوسطى ومن حقد الابالسة ومن علمهم العرب العلوم واضاء حياتهم التي كانت غارقة في الظلمات . وها هم في ظل ضعف العرب يستعينون بالظلاميين من داعشيين ونصرة ومن يسمون انفسهم جهاديين من العرب وغير العرب ليعيدوا تفكيك الامة وتقسيم المقسّم من الوطن العربي وليعيدوا بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الاقصى المبارك وعينهم على كنيسة المهد وعلى كل ما هو عربي كان من الماء الى الماء واصبح الآن من الماء الى الدماء!!

(الدستور 2015-08-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات