أطلالُ أطلالِنا!

تم نشره الأربعاء 02nd أيلول / سبتمبر 2015 12:44 صباحاً
أطلالُ أطلالِنا!
خيري منصور

كانت الآثار الباقية من الحضارات التي بلغت خريفها في بلادنا تسمى الاطلال، وثمة شعراء بكوا عليها وان كان احدهم وهو ابو نؤاس سخر من هذا البكاء والوقوف على الاطلال قائلا لمن يمارس هذا الطقس : ما ضرّه لو كان جلس؟ ويخطئ من يصدق ان هذه الاطلال كانت بخير، فالكثير منها هُرّب او بيع في السوق السوداء، ومنها ما تحول الى خرائب تبرطع فيها الثعالب والضباع، ويروي الراحل جبرا ابراهيم جبرا كيف كان المستشرقون يجرون التماثيل في الماء، بينما يسخر البدو والفلاحون منهم لأنها بالنسبة اليهم مجرد اصنام انتهى زمنها، وما يحدث الان هو تحطيم الاطلال انسجاما مع تقسيم ما هو مقسّم اساسا، وتناغما مع ما انتهى اليه المشهد القومي وهو يعج بنفايات النفايات ... ولا ندري متى سيأزف الدور لاعادة تدمير المدمّر بحيث لا يبقى اثر لكل من شيدوا حضارات وعمرانا في هذه المنطقة المنكوبة؛ لأن ما اصابها اشد من اي زلزال ومن اي درجة في مقياس ريختر، فهل لم نكن كعرب امناء على هذا الميراث ؟ ام ان نزعة التدمير والانتحار لدينا اقوى من اية نزعة للبناء والنّماء!. قلنا من قبل ان ما سرق من اثارنا ظفر بالبقاء ولو في المنفى، لأن ما تبقى حوّلته المعاول الى ركام ! ولو كان الحجر يذكر الازميل الذي نحت منه حياة لبكى، لكن الحجر لا يدرك ما الذي جرى له ولما يجسّده من عبقريات بشرية، لهذا تمنى شاعرنا القديم لو انه حجر كي تنبو الحوادث عنه وهو ملمومُ!. والمناطق التي يتم الاعلان عن كونها منكوبة بكوارث الطبيعة تجد من يعطف عليها، لكن هذه المنطقة المنكوبة بكوارث التاريخ الغاشم وافرازاته السامة تثير الاشمئزاز ولا تحظى بالعطف، ومن يدري لعلّ يوما يأتي يتم فيه تجريدنا حتى من اطلال الاطلال لأنها ليست في ايدي امينة، فالمجرم ليس فقط من يدمّر ويفجّر بل هو الصامت والشيطان الاخرس الذي يبحث عن النجاة حتى لو كانت على خازوق!. ان من خان امانة الكتاب والمخطوط واللوحة لن يؤتمن على جدارية أو تمثال!!.

(الدستور 2015-09-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات