الجامعة الهاشمية " قالبة " وعربيات يهيجن !
المدينة نيوز - أغرب رئيس جامعة حكومية في البلد ، هكذا وصفه خصومه الأكاديميون ، فالجامعة الهاشمية التي يقودها شبه مشتعلة ببيانات ( ذبحتونا ) النارية ، إلا أن الرئيس عربيات أّذن من طين وأخرى من عجين ، وكأن الحملة الطلابية تتحدث عن خالد الكركي .
ها هو عربيات يكتب مقالا ( متعمدا ) هذا اليوم عن الشعر النبطي ليثبت شيئا ، ما هو ، الله اعلم .
نعيد نشر بيان ( ذبحتونا ) ومن ثم ننشر مقال عربيات :
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " نؤكد على الآتي :
1_ إن شطب إدارة الجامعة لكافة المرشحين الممثلين للقوى الطلابية ، وإفقاد الانتخابات لأي نوع من المنافسة من خلال حسم ثلث مقاعد المجلس وإقامة انتخابات شكلية للثلثين الباقين يشير إلى حقيقة الأهداف من وراء وضع شروط الترشيح الجديدة والمتمثلة بتعيين أعضاء مجلس الطلبة بأسلوب جديد .
2_ إن الطريقة الانتقائية التي قامت بها عمادة شؤون الطلبة في قبول المرشحين لا يمكن تفسيرها إلا بوجود رغبة لدى إدارة الجامعة بتعزيز النزعات العشائرية والعنصرية والإقليمية والمناطقية وتأجيج ظاهرة العنف الجامعي .
3_ إن تغييب الحركات الطلابية (( كتلة التجديد العربية ، الوحدة الطلابية و الاتجاه الإسلامي )) عن المشاركة في انتخابات مجلس الطلبة يؤكد على استمرار العقلية الأمنية في إدارة شؤون الطلبة ، ويشير إلى أن المطلوب هو إقصاء القوى الطلابية وتجهيل الطلبة وتخريج جيل من الطلبة لا يتمتع بالوعي والفكر والثقافة وتتعزز فيه ثقافة الخوف .
4_ إن هذا الإجراء الذي قامت به إدارة الجامعة الهاشمية يدلل على أهمية ما أشارت له الحملة في إطار ملاحظاتها على قانون الجامعات الأردنية من ناحية إلزام الجامعات بإقامة انتخابات تتسم بالديمقراطية وتعكس التمثيل الحقيقي للطلبة .
إن هذه الخطوة العرفية التي قام بها رئيس الجامعة الهاشمية الدكتور سليمان عربيات وعميد شؤون الطلبة الدكتور يوسف عليمات تفرغ وزارة التنمية السياسية وبرنامجها لتحفيز الشباب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية من محتواه وتجعل من هذا البرنامج مجرد شعارات تضليلية لاتعكس حقيقة التوجهات الحكومية نحو تجهيل الطلبة .
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " نطالب وزارة التعليم العالي أن تتحمل مسؤولياتها في صون حقوق الطلبة والتدخل الفوري لوقف هذا الإجراء القمعي ، كما أننا نرى أن على كافة منظمات حقوق الإنسان التدخل الفوري لدفع إدارة الجامعة بالتراجع عن خطواتها .
في الختام نؤكد أن مرور هذا الإجراء مرور الكرام سيؤدي إلى استنساخه في باقي الجامعات ومن ثم العودة بنا إلى نظام التعيين في انتخابات المجالس الطلابية وما رافق هذا النظام من انتشار لكافة المظاهر السلبية في جامعاتنا والعودة بجامعاتنا إلى العصور الوسطى ، لذلك فإن الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " ستعمل بالتعاون مع كافة القوى الطلابية والمنظمات الحقوقية لإفشال هذه " المجزرة الانتخابية " التي قادتها إدارة الجامعة متمثلة برئيسها وعميد شؤون الطلبة فيها . وستوجه الحملة في هذا الصدد رسائل إلى كل من وزارتي التعليم العالي والتنمية السياسية ومجلس أمناء الجامعة الهاشمية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان والمركز الوطني لحقوق الإنسان .
تحملني الريح كل ليلة قمرية إلى الصحراء وعلى صهوة مهرة بدوية ، نسهر مع العشاق العذريين والفرسان مع أسراب الكواكب الحسان ونجم سهيل يحرسنا كفارس من فرسان الليل في صحارانا "حمَّاي الضعون التوالي" والشاعر العذري يردد ويناجي القمر:
يا قمر يا للًّي مشعك فوق: يا للًّي تشوف البعيديني
وأنا أشهد إنك تشوف الشوق: ويا عينك بعد عيني
ويأتي من الطرف الآخر من الخيمة رجل أسمر طويل القامة مرتدياً زي فارسْ من فرسان القبائل العربية ويأخذ الربابة وكأنه يستل سيفاً من غمده ويردد:
والشمس غابت يا ابن شعلان
وأريد أدورن معازيبي
والقهوة تسكب على الفنجان
يا بهارها جوزة الطيب
وينظر إليه ابن شعلان عاتباً ، وهل شعرت بقصور منا يا ضيف الرحمن؟. فيرد الفارس الغريب المجهول: لا والله يا ابن شعلان ، ولكن البلاد طلبت أهلها والوطن غالي.
أصبحت القصيدة البدوية جزءاً من ثقافتي التراثية والوطنية ، فألجأ إلى قول بيت من الشعر الغزلي أو الهجاء أو الرثاء أو المدح أو الفخر أو الحنين إلى الديرة أو الماضي فأشعر بأن ألمي "ينزاح" ووجعي يزول. فكم مضيت وحدي أردد ما حفظت من قصائد؟ فأسمع صداها في فضاءات البراري وهي تخرج من داخلي:
أنا "يا خلوج" ما تعدد مصايبي
ولا علتي تبرا ولا ينشكا لها
ولو البكا يا ناق عني يحلها
بكيت بيض أيامها مع لياليها
ولو البكا يا ناق يرجع بغايب
بكيت لين العين ييبس ثمالها
لا تفارقني أطياف أصحاب القصائد البدوية ، وأصبحت ألحانها جزءاً من ذاكرتي وأحاسيسي. وقد سألت نفسي غير مرَّة ، كما أنني سُئلت: ماذا أوقعك في حب القصيدة البدوية؟ وأعترف بأنني ألجأ إليها في كثير من الأحايين وأستمع إلى تسجيلات لقصائد بدوية وأطلق ساقي للريح وأتوجه صوب البادية أو إلى عالم "متخيل" وأقضي ما أمكنني من الوقت. وقد أثار ولعي بها فضول الكثيرين وبخاصة عندما أدخل محلات التسجيلات لأشتري تسجيلاً لإحدى أو عدد من القصائد وأطلبها بالاسم متجاوزاً ، آلاف "الكاسيتات والأشرطة" للمطربين والمطربات ، الذين قد أكون بالفعل أحببتهم في مرحلة عمرية مبكرة.
أعود للإجابة عن سؤال أو أسئلة تلقيتها حول قصتي مع القصيدة البدوية.
أذكر بأنني (وأنا آخر العنقود بين أخوتي الذكور) كنت أرافق والدي في سفراته وكانت راحلتنا فرساً "فيردفني" خلفه وأتعلق بكلتا يدي بحزامه "ويلكد" على الفرس وتأخذ السرعة بالتزايد ، وهو يردد ، إرضاءً لي:
يا يمَّة شدي مهيرتي
وتكبر ونا خيَّالها
وشْري لها سرج حرير
وريش النعام اجلالها
وعندما تبطئ الراحلة ، يبدأ بالحديث الدافئ معي ليطمئن بأن كل شيء على ما يرام ، ويبدأ بإنشاد قصيدة هادئة ، وأذكر جيداً بأنها كانت يا طروش:
يا طروش يا للًّي ناحرين المراقيب
تريضوا واقصروا من خطاكم
يا عيال ما رعيتكم عالأجانيب
ولا سمعت الجيران ضجة بكاكم
يا عيال خوالكم مرويين بالطيب
ما تعلموني هالردى من وين جاكم
قمت أعكز على عوج المذاريب
وقصرن خطاي يومن طالن خطاكم
يا عيال الخنا كلكم عيب
يا إللًّي على الوالد كثرن لغاكم
وهكذا فإن هذه القصيدة أصبحت جزءاً من الذاكرة. وعندما استلمت رئاسة جامعة مؤتة ، وجدت أن ولدي "عمر" قد وضع تسجيلاً للقصيدة في مسجل السيارة ، ورحت أستمع إليه ، فشدني الوجد إلى تلك اللحظة والأيام مع والدي رحمه الله.. فبكيت ، وارتبطت القصيدة من جديد بذاكرتي وما زالت رغم أنني كنت باراً بوالدي وكذلك عمر ولدي الغالي حفظه الله ورعاه وردَّ غربته مع من أحب والأحب إلى قلبي.
وجدت أهلي أهل الكرك عشاقاً للشعر البدوي يرددونه وينظمونه وينشدونه ، وهذا جعلني كواحد منهم وبينهم خلال أربع سنوات وهي سنوات الحب والصبر والوجع ، ولَّدت حنيناً لدي نحوهم لا ينقطع حتى بعد أن استقر بي المقام في الجامعة الهاشمية بين أهلي في الزرقاء وجوارها بين الخنادق والبنادق ومع الفيالق ومع عشائر الديرة "ربع الجمع الأبيض".
وهكذا واصلت رحلتي مع القصيدة النبطية.. وربابة الشاعر الشجية.. وكتبت حكاية ما يزيد عن (15) قصيدة وحفظت إن لم تكن جميع فبعض أبياتها أرددها كلما شدني الحنين إلى الصحراء وإلى العاشقين من فرسانها والبادية والسهر مع الوحوش والفرسان والصقور والشيح والقيصوم وإلقاء التحية على نجم سهيل ، والحسان من النجوم الكواعب والكواكب.
فيا صحراء ويا صهيل الصحراء ويا صليل السيوف ويا نخيل البيداء ، سلام الله عليكم وإلى اللقاء.
( د. سليمان عربيات - صحيفة الدستور)