وزارة المياه: تفاصيل ناقل البحرين أعلنت ولا وجود لبنود سرية
المدينة نيوز :- في الوقت الذي تطفو فيه على السطح، بين الفترة والاخرى انتقادات "قديمة- جديدة" لوثيقة اتفاقية مشروع ناقل البحرين، الموقعة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي، اعتبر خبراء ونقابيون أن جزءا من الاتفاقية "سري وغير معلن"، إلا أن "نشر الاتفاقية" بتفاصيلها عند طرح وزارة المياه، عطاء الخدمات الهندسية الدولي للمرحلة الأولى، من المشروع منتصف تموز (يوليو) الماضي، يفند هذه الانتقادات، وفق مصادر مسؤولة في الوزارة.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم نشر اسمها، في تصريح لـ"الغد"، إن هذه الطروحات "يفندها قيام وزارة المياه بتضمين تفاصيل اتفاقيتها مع الجانب الإسرائيلي، ممثلا بوزارة التعاون الإقليمي، والإعلان عنها، عند طرح أول عطاء وعلى صعيد دولي"، لافتا الى ان ذلك يثبت انه "تفاصيل ناقل البحرين اعلنت ولا توجد بنود سرية".
ونصت اتفاقية تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع، والموقعة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي في آذار (مارس) الماضي، على تنفيذ بعض مكوناته من خلال "هيئة الإدارة المشتركة" بين الطرفين، الأمر الذي اعتبرته أوساط سياسية ونقابية خلال ملتقى حواري عقد مؤخرا، "اعتداء على السيادة الأردنية"، ووصفته بأنه يندرج ضمن "اتفاقيات الإكراه والتسلط الباطلة دوليا".
وتشير بنود الاتفاقية الى إدارة الأردن للمشروع، الذي سينفذ على أراض أردنية، اعتبارا من طرح العطاء الدولي المتعلق بالخدمات الهندسية، والذي تم طرحه ضمن الأنظمة والقوانين المعمول بها، من خلال أنظمة العطاءات الحكومية، حيث سيتم بعدها التوافق على صيغة العطاء التي من المقرر أن يحضرها الاستشاري ليصار إلى طرح عطاء مفتوح يدعى "عطاء المطورين".
وبعد انقضاء هذه المرحلة، يبدأ دور هيئة الإدارة المشتركة للمشروع، والتي ستقوم بالإجراءات المنوطة بها من خلال لجنة المياه المشتركة الأردنية- الإسرائيلية، والمنصوص عليها في اتفاقية وادي عربة، ما يعني أن التنسيق سيجري بموجب اتفاقية وادي عربة.
ورسمت الاتفاقية الأخيرة المتعلقة بالمرحلة الأولى للمشروع، الخطوط الواضحة لمكونات المشروع الرئيسية، وطريقة التنفيذ والجدول الزمني، الذي سيتم السير به وآلية متابعة الاعمال وإدارة المشروع والتمويل والآثار البيئية والاجتماعية، بحسب مصادر في الوزارة.
ومنذ اليوم الأول لتوقيع الأردن مذكرة التفاهم الثلاثية في كانون الأول (ديسمبر) العام 2013 مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، واجهت الحكومة انتقادات "شديدة اللهجة" من مختصين في قطاع المياه، باعتبار أن السير بالمشروع ضمن السياق الجديد "يخدم مصلحة الجانب الإسرائيلي".
وتبقى المشاريع الأردنية المرتبطة بإسرائيل، خاصة الاستراتيجية والحيوية منها، ومن ضمنها مشاريع المياه، رهن الانتقاد الشعبي المستمر بإمكانية نجاحها، حيث تخرج تلك الآراء أحيانا عن النطاق الفني، متجاوزة ذلك الى الصعيد السياسي وربطه بقضية "التطبيع" مع الجانب الإسرائيلي.
ودافعت مصادر حكومية رفيعة، في تصريحات سابقة، عن توقيع الاتفاق والمضي قدما بالمشروع، وقالت: "إن الحكومة قامت بدراسة جميع خيارات تأمين المياه، عبر مصادر دائمة للمملكة، التي تعاني عجزا متزايدا، يكاد يصل حد العطش"، وارتأت أن المرحلة الأولى من مشروع ناقل البحرين هي "الحل الوحيد الذي سيحقق متطلبات الاقتصاد القومي والأمن المائي الأردني".
وفي الوقت الذي اصطدم فيه المشروع عبر أعوام طويلة بارتفاع كلفة التنفيذ المالية، الى حد اعتباره "ضربا من الخيال"، حتى مع امكانية تقسيم المشروع بشكله السابق الى مراحل، خاصة أن كلفة مرحلته الأولى (ضمن الشكل السابق) بقيت مرتفعة، وقدرت بنحو 4.4 مليار دولار، من أصل الكلفة الإجمالية للمشروع، التي تتراوح بين 10 إلى 15 مليارا، الا ان الحكومة "قررت تقسيم المشروع، الى مراحل، والبدء بتنفيذ مرحلته الأولى، ضمن رؤية جديدة، تمكنت من تقليص كلفته الى حوالي 900 مليون دولار".
وفيما رأى مختصون في قطاع المياه، أن حصة الأردن من المياه المحلاة ضمن المشروع، "ضئيلة، ولا تفي بالغرض"، عدا عن كونها ستزود منطقة العقبة، التي لا تعاني أصلا شحا بالمياه، فإن المصادر بينت انه "ستجرى عملية مبادلة لتوزيع المياه بين مختلف المناطق، حيث سيتم وقف ضخ مياه الديسي الى منطقة العقبة وعن مزارع الديسي عند البدء بتشغيل مشروع ناقل البحرين".
ونصت الاتفاقية الثنائية على تنفيذ مأخذ مياه من خليج العقبة، يقوم بنقلها لمنطقة شمال العقبة، ولمسافة 28 كيلومترا، فيما "سيتم إنشاء محطة للتحلية، بطاقة 70 مليون متر مكعب، يخصص نصف انتاجها لمدينة إيلات، حيث سيدفع الجانب الاسرائيلي ثمن حصته من المياه، حسب السعر المتفق عليه بعد تحليتها، فيما يذهب النصف الآخر لتعزيز حصة مدينة العقبة من مياه الشرب"، بحسب المصادر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن هذه الخطوة تأتي كون المياه المضخوخة حاليا من الديسي للعقبة "لا يمكن لها الاستمرار على المدى الطويل بتلبية الاحتياجات المتزايدة، في ظل تنامي الاستثمارات والسياحة فيها، في وقت أصبح فيه حوض الديسي المائي، في ظل تشغيل مشروع الديسي إلى عمان، محدود الإمكانيات"، رغم ان الفرضيات تقول بأنه "يستمر بالضخ لفترة طويلة الأمد بواقع 100 مليون متر مكعب سنويا، على مدى 50 عاما المقبلة، وهو العمر المفترض لمشروع الديسي إلى عمان".
وبالتالي، بحسب المصادر، "لا بد من تأمين مياه جديدة إضافية، تزيد عما يضخ حاليا للعقبة، وهي بحدود 25 مليون متر مكعب"، مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المتزايدة لأغراض الصناعة والسياحة اضافة الى الشرب في العقبة، "ولهذا السبب ستحصل العقبة على 35 مليونا من محطة التحلية".
وتضمن الاتفاق إلزام الجانب الإسرائيلي بتزويد الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنويا، من مياه بحيرة طبريا، زيادة على الحقوق المائية الأردنية السيادية، التي أقرتها معاهدة السلام العام 1994، حيث سيتم نقل هذه المياه إلى قناة الملك عبدالله، الناقل الرئيسي لمياه نهر اليرموك وسدي الوحدة ووادي العرب وآبار المخيبة، ليصار إلى تزويد محافظات الشمال، التي تعاني بشدة، من تراجع حصص الفرد فيها، نتيجة للجوء السوري وتبعاته، وتزايد أعداد السكان في هذه المناطق.