هل تنجو صنعاء من.. «مصيرها المُتربِّص»؟

تم نشره الأربعاء 16 أيلول / سبتمبر 2015 01:24 صباحاً
هل تنجو صنعاء من.. «مصيرها المُتربِّص»؟
محمد خروب

إلى أن ينجح المبعوث الدولي لليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد، في «إنعاش» المفاوضات بين طرفي النزاع في اليمن، بعد ان انهارت آخر محاولة، كانت بشرّت باحتمال احداث اختراق ما، في جدار التصلب الذي مارسه طرفا الأزمة، وخصوصاً الطرف الموالي لعبدربه منصور هادي، فان صنعاء تبدو مُرشحة للدمار، اذا ما مضت الاطراف ذات الصلة وخصوصاً دول التحالف العربي في مسعاها لـ «تحرير» العاصمة اليمنية من قبضة الحوثيين وانصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، اللذين سيطرا على العاصمة في مثل هذه الأيام (قبل عام من الآن، يوم 21/ 9) والتي وصفها الحوثيون بـ «ثورة 21 سبتمبر».

تراجُع الطرف الذي يقوده الرئيس الذي يوصف بالشرعي منصور هادي عن المشاركة في «المفاوضات» التي كانت ستجري بين طرفي الأزمة «اليمنيين» في مسقط برعاية ولد الشيخ، وإصرار هادي على انتزاع اعتراف كامل وغير مشروط بقرار مجلس الامن الدولي رقم 2216، يُعيد الأمور الى نقطة الصفر، لأن الذهاب الى مسقط، كان هو الآخر بلا شروط من الطرفين، ما قد يعني ان ثمة ضغوط قد مُورست على هادي لثنيه عن المشاركة في مفاوضات كهذه، كان يمكن لها ان تُفضي الى مسار سياسي ولو بصعوبة، ما يعني ايضاً «فَرْمَلَة» الحل العسكري الذي تجري «بروفته» الاولى، وربما الحاسمة في مأرب وتعز، واذا ما هُزِمَ الحوثيون وانصار علي صالح في هاتين المنطقتين، فان وصول قوات التحالف الى تخوم صنعاء، هو مجرد وقت، وعندها تبدأ «أم المعارك» او «تحرير» صنعاء او اياً كان الاسم الكودي الذي سيتم العمل تحت رايته، والتي تعني - ضمن امور اخرى - احتمال ترجمة الحوثيين وصالح تهديداتهم بالضربات الاستراتيجية على ارض الواقع باستهداف بعض عواصم الجوار اليمني.

صنعاء، اذاً هي الهدف الرئيس للمتحاربين على أرض اليمن الذي بات ارضاً محروقة، كما ان شعبه قد دخل بالفعل في دائرة الكارثة الانسانية التي حذرت منها الأمم المتحدة وهيئات دولية انسانية وإغاثية وحقوقية، بعد أن فُقدت المواد الأساسية وتلاشى مخزون المواد الطبية والدوائية، ولم تعد الخدمات الأساسية او المرافق العامة موجودة, فضلاً عن انهيار البنى التحتية وتلاشي وجود مؤسسات الدولة.

واذا كان الشهر السادس على بدء غارات التحالف العربي على اليمن يوشك على الانتهاء (بدأت في 26/ 3) فإن المُدقِق في المشهد اليمني, يكتشف في غير عناء, انه خرج على الاطار الذي بدأ به في السادس والعشرين من اذار الماضي, وبات مرتبطاً بالملفات الاقليمية الاخرى وبساحات المعارك الدائرة على اكثر من ساحة عربية وخصوصاً في سوريا, بعد أن لم يعد أحد يتوفر على خيارات كثيرة في مواجهة استحقاقات المشهد الاقليمي بأبعاده الدولية، الآخذ في التغير بسرعة بل بتسارع، وربما يخرج هو الاخر على نطاق السيطرة, اذا ما اتخذ التجاذب الاميركي الروسي الدائر الان أبعاداً أكثر سخونة وسط حديث عن تحركات «عسكرية» مضادة تقوم بها الولايات المتحدة, لمواجهة ما يوصف بالتدخل العسكري الروسي المباشر في الازمة السورية، وبروز اتجاهات سياسية ودبلوماسية اوروبية, كان آخرها ما صدر عن وزارة الخارجية الالمانية التي لحظت دوراً مهماً للرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة الانتقالية, ما يمنح زخماً لتلك الاراء المشابهة التي طرحتها بريطانيا وقبلها اسبانيا والنمسا, وهو أمر يُثير حفيظة الولايات المتحدة ويحرج حليفها التركي، حيث واشنطن وانقرة ما تزالان على موقفهما «المُعلن» بأن «لا» دور للاسد في سوريا.. الجديدة.

إلى أين من هنا؟

الحرب اليمنية باتت حرب استنزاف مُنهكة لكل الاطراف المنخرطة فيها، واحتمالات توسيع الحرب البرية والتعزيزات التي يقال انها ما تزال متواصلة تحضيراً لاقتحام صنعاء, حتى وإن رجحت وبدأت بالفعل, فإنها لن تضع حداً للحرب المُدمِرة هذه, وهي ستكون اكثر كلفة في الموارد والضحايا البشرية مما هي عليه الان, لأن «اليمن» الجغرافيا والديموغرافيا والمجتمع القبلي والعشائري وشبكة العلاقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المُعقدة التي ترسخت في المشهد اليمني.. طوال عقود, هو دولة «مختلفة» بكل المقاييس، عن باقي الدول المحيطة بها, ما بالك ان يمن ما بعد ثورة 2011 هي ليس ما قبلها, ما بالك بعد بروز الحوثيين في مقدمة الاحداث وانشقاق «دولة صالح المنهارة» فضلاً عن الوجود المادي والراسخ نسبياً لتنظيم القاعدة واحتمالات انقلاب التحالفات القائمة الان بين الحراك الجنوبي واطراف مؤيدة للرئيس هادي.

ما تزال الفرصة قائمة لتجنيب صنعاء مصيرها المخطط له عسكرياً، اما الاصرار عليه فإنه يعني أننا أمام مشهد مفتوح على كل الاحتمالات الدموية والكارثية، ونحسب أن لا قدرة للاطراف المنخرطة في الحرب الدائرة الان على تحمّل أكلافها، مهما ابدت عكس ذلك.

(الرأي 2015-09-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات