فيصل الفايز غير فيصل الفايز !

تم نشره الإثنين 03rd أيّار / مايو 2010 05:18 مساءً
فيصل الفايز غير فيصل الفايز !

المدينة نيوز – خاص – كتب محرر الشؤون المحلية - : يسميه المقربون منه صديق المثقفين، حتى صار يعرف تفاصيل المشهد الثقافي جيدا، فالرجل ليس غريبا عن دوائر صنع القرار في الأردن، فقد فتح عينيه عام 1953 في بيت سياسي عريق كان فيه "عاكف الفايز " يتحرك في الاتجاهات كلها، وكبر فيصل الفايز وفي ذهنه الحكمة التي تقول "من شابه أباه ما ظلم "، و رغم انه غادر مكتبه في الدوار الرابع في نيسان 2005، إلا أن الرئيس ابا غيث ظل حاضرا في المشهد السياسي الأردني الراهن، وقادرا على قراءة اتجاهات الحركة السياسية في البلاد.
تسلم مفاتيح دار رئاسة الوزراء، بعد أن قضى فترة من الزمن في الديوان الملكي، مساعدا لرئيس التشريفات الملكية ومن ثم رئيسا لها ووزيرا للبلاط قبل أن يتسلم رئاسة الديوان قريبا من صانع القرار، لذلك كانت إقامته في الدوار الرابع مريحة، لأنه كان يعرف جيدا ماذا يريد.
أبو غيث، ربما هو أكثر مسؤول يتذكره قادة الحركة الإسلامية، حين كانت أبواب مكتبه مفتوحة على مصراعيها أمامهم، وحين كان يذهب بنفسه إلى بيوتهم، في أول سابقة يرسيها مسؤول كبير في الحكومة، للحوار حول مصلحة الوطن .
في عهد رئاسته، صار لدينا وزارة للتنمية السياسية، قد اعتقد فيصل الفايز انه بهذه المبادرة، إنما يعطي الأحزاب السياسية بعض حقها، ويجعل منها شريكا في صناعة القرار السياسي، لكن الحكومات اللاحقة حولت وزارة التنمية السياسية من مطلب شعبي إلى مكاتب للوجاهة قد لا يزورها احد.
هاتف أبي غيث، كما هي أبواب مكتبه، لا تغلق في وجه احد، وقد عرف مبكرا أهمية الصحافة والصحفيين، فكانت علاقته مميزة مع السلطة الرابعة، واستمرت هذه العلاقة، حتى بعد مغادرته كرسي المسؤولية، في حين ظل يشكل مرجعية أخلاقية لكل الذين تعرفوا إليه، وراهنوا على برنامج حكومته.
تسلم مهام منصبه رئيسا للوزراء في فترة أردنية حرجة، بعد أن عصفت رياح العدوان والاحتلال على العراق الشقيق، وصار على أبي غيث أن يتعامل مع مستجدات سياسية، لم تكن تخطر له على بال في سابق الأيام، في حين لم تكن الأمور في فلسطين هادئة تماما، وكان على حكومته أن تحافظ على توازنها وسط بحر من الحرائق والحروب.
لا تناقض أبدا بين انتمائه لواحدة من اكبر عشائر الأردن وهي عشيرة بني صخر، والتزامه بقانونها العشائري، وبين وجوده على رأس السلطة التنفيذية، أو في مواقع الحكم المتقدمة، فرجل بمواصفات أبي غيث كان قادرا على المزاوجة، وقادرا على بناء علاقات من طراز خاص مع مختلف الأطراف والشرائح، وفي عهد حكومته الأولى شهدت العلاقة بين الدوار الرابع وأحزاب المعارضة تطورا ملحوظا، إذ كان فيصل الفايز يصيخ السمع دائما للرأي الآخر، لان الديمقراطية لا يتم بناؤها إلا بتلاقح الأفكار وتشابك الرؤى المختلفة.
هادئ عندما يتطلب الأمر هدوءا، وحازم عندما يعتقد أن الموضوع يتعلق بثوابت الوطن وحقوق المواطن، ومستمع جيد لمحاوريه، وقادر على قراءة ما بين السطور، ولعل عمله في الديوان الملكي، رئيسا ووزيرا للبلاط ورئيسا للتشريفات، منحه القدرة على التفريق بين الابتسامات، والتفريق أيضا بين أنواع الحديث المعلن والخفي.
أبو غيث، الذي شغل موقعه في نادي رؤساء الوزارات، يملك العديد من خطوط الاتصال، داخل الأردن وخارجه، وتميزت علاقاته بدول الجوار بشكل خاص، ودول الإقليم بشكل عام، بالهدوء والايجابية والتفاعل المشترك، حتى صارت علاقات فيصل الفايز جزءا من سياسة الحكومة في عقلانيتها المنشودة.
الذين يعرفون الرجل عن قرب، يعرفون جيدا انه ترك مساحة واسعة من وقته للحوار مع المعارضة، خاصة الحركة الإسلامية، لاعتقاده أنها تمثل شريحة واسعة من الشارع الأردني، ولأنها من جهة أخرى نشأت وترعرعت تحت عباءة الحكومات المتعاقبة، لذلك لابد من الاستفادة منها في كل المواقع.
عندما يتم إحصاء أسماء رؤساء الحكومات في الأردن، سيأخذ اسم الرئيس فيصل الفايز حيزا واضحا في الوثائق الرسمية، رغم أن الرجل ما زال عامرا بالنشاط والحيوية، ويملك من الخطوط ما يؤهله لتأكيد وجوده السياسي ، ولأنه قدم إلى رئاسة الوزراء فجأة ، فإن الرجل يعترف بانها مسؤولية تخللتها أحيانا قلة التجربة ، أما الآن ، فأبو غيث رجل ممتلئ حيوية وعلما وتجربة ودهاء سياسيا لمن لا يعرف ، إذ إن كل رجالات الحكومة ورؤساءها السابقين ، و خاصة من تسلموا دفة رئاسة الوزراء تركوا خلفهم عددا لا بأس به من الأخطاء ، ولو حسبنا أخطاء ابي غيث لكانت لا ترى بالعين المجردة أمام أخطاء رؤساء حكومات بحجم الجبال ، وبعضهم أذوقونا الويل والثبور ،وعظائم الأمور ، وتبعا لذلك فإن أبا غيث الإنسان هو نفس أبي غيث الطيب الأبي العالي الهمة ، ولكن أبا غيث السياسي هو شخص مختلف تماما عمن عرفناه رئيسا للحكومة في وقت سابق .
استطاع أبو غيث بناء علاقات ايجابية مع بسطاء الناس الذين كانوا مهمشين في حسابات المسؤولين الآخرين، لذلك فانه يعرف الطريق جيدا إلى الغور، كما يعرفها إلى قرى الكرك والطفيلة ومعان، ويعرف معاناة أبنائها جيدا، فهو ابن هذا الوطن الذي يتسع صدره لمشاكل الجميع، ولا يدخر جهدا في حل ما يستطيع إلى ذلك سبيلا.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات