سعد حداد.. أنطوان لحد.. والبقية تأتي

ربما يكون الاسمان السابقان (سعد حداد وأنطوان لحد) جديدين على أذن جيل شارف على العشرين أو الخامسة والعشرين، ولكن الأكيد ان السواد الأعظم يعرفهما يقينا، وان الأكيد بأن الأغلب ان لم يكن الجميع قد استعاذ بالله من الشيطان الرجيم منهما.
بطبيعة الحال فإن كل الحق مع من استعاذ بالله، فأولئك خائنان، والذي يخون وطنه مرة يخون آلاف المرات. سئل نابليون بونابرت ذات يوم من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك، فأجاب "أحقرهم أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلادهم"، وحداد ولحد من طينة أولئك الذين قصدهم نابليون، فساعدا الكيان الصهيوني على احتلال جنوب لبنان لبضع سنين، يضاف إليهم في زماننا الحالي إرهابيون يساعدون على تمزيق أوطانهم وشرذمته وزرع القتل في كل شبر فيه، ويذهبون للطبابة في الكيان الصهيوني، وليس هذا فحسب بل يعتبرون الكيان أرحم وأحن عليهم، من بلادهم، فأي خيانة أكبر وأعظم؟!
ما جعلني أسترجع شريط التاريخ المخزي لحداد ولحد ما قرأته في الأخبار عن وفاة لحد ومحاولة دفنه في لبنان، وموقف الشعب اللبناني الرافض لهذا التوجه، معتبرين أن "الخيانة ليست فعلا عرضيا ولا جريمة تسقط مع مرور الزمن" وأن "قائد مليشيا جيش لبنان الجنوبي" لم يكن عميلا عاديا لإسرائيل، بل احترف الإجرام ونافس الصهاينة في إجرامهم، وكان يعطي أوامر الاعتقال والتعذيب والإبعاد القسري والاغتصاب، حتى أنه منع دفن العديد من الشهداء في قرى جنوب لبنان التي كانت محتلة آنذاك.
لمثل أولئك اللبنانيين الذين رفضوا أن يدنس الخونة أرضهم، ويدفنوا فيه نقول بوركتم، بوركت مواقفكم، فيما نأسف ونحن نرى على شاشات التلفزة الصهيونية، وتقاريرهم المصورة، ونقرأ عبر وسائل إعلام دولية، وعربية محايدة عن وجود إرهابيين فارين من المعركة أو جرحى يتعالجون في الكيان الصهيوني، ويشيدون بالخدمات المقدمة لهم! فأي زمن هذا الذي نحن فيه؟!
ولمن نسي او تناسى في غمرة تعدد محاور الخيانة وبيع الأوطان، فان سعد حداد كان رائدا في الجيش اللبناني عندما تولى مسؤولية وحدة عسكرية تضم 400 جندي على الحدود اللبنانية الجنوبية، فتحالف مع اسرائيل وساعده "الموساد" في إنشاء "مليشيا جيش لبنان الجنوبي" لمناهضة الوجود الفلسطيني الذي كان مهددا قويا لأمن الدولة الصهيونية، وتمرد على الشرعية اللبنانية، وأعلن في 19 /4 /1979 عن قيام ما أسماه "دولة لبنان الحر" تحت السيطرة الكاملة لاسرائيل، وكان لعناصره دور بارز في مجزرة صبرا وشاتيلا التي تعرض لها لاجئون فلسطينيون العام 1982، وقد توفي حداد العام 1984، وخلفه في قيادة جيش لبنان الجنوبي العميل لاسرائيل أنطوان لحد.
ولحد تولى قيادة "جيش لبنان الجنوبي" منذ وفاة حداد وواصل قيادته حتى انهيار جيشه العميل إبان تحرير الجنوب بفضل سواعد المقاومة اللبنانية في أيار (مايو) 2000، وخلال تلك الفترة تواصل التعاون بين لحد وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي أطلقت عليه لقب "الجنرال"، وهذا التكريم الصهيوني استمر حتى بعد إعلان وفاته، حيث أعلن قادة أجهزة أمنية صهيونية حزنهم على رحيله، ووصفه "اليعزر تسفرير" أحد قادة جهاز الموساد السابقين، بأنه كان "شخصية وطنية مميزة"!
من حق اللبنانيين لفظ ورفض أنطوان لحد ومن على شاكلته سواء أولئك الذين تظهر عمالتهم للعلن، أو أولئك الذين ما يزالون يظهرون للناس بثوب الواعظين الوطنيين، وهم في سريرتهم مشابهون للحد وحداد.
أما أولئك الذين يرون أن إسرائيل خلاص لهم، وانها ليست عدوهم، وان عدوهم هو ابن جلدتهم، فإنهم آثروا أن يبيعوا أوطانهم وذهبوا لدرب الخيانة مسلكا، ولكن رغم ذاك سيبقى في شجرة الإخلاص للوطن، ثمار تزهر لتقول لأولئك الخونة في عصرنا الجديد لن تستطيعوا خداعنا حتى لو وظفتم كل قنوات العالم معكم، وحتى لو ألبستم أنفسكم لباس الطهر.
الخزي سيبقى ملازما لهم والعار سيلحق بهم، ومن هم على شاكلتهم.
(الغد 2015-09-23)