على طاولة الرئيس أوباما

تم نشره الأربعاء 30 أيلول / سبتمبر 2015 01:01 صباحاً
على طاولة الرئيس أوباما
جهاد المنسي

في خطابه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة الاثنين الماضي، تناسى الرئيس الاميركي باراك أوباما، وهو يعدد الأزمات التي يمر بها العالم، أن الكيان الصهيوني يحتل ارضا ليست له، ويقتل شعبا بدم بارد، ويمارس كافة انواع القتل والسحل والحرق بحق اطفال ونساء عُزل، ومن دون أن يذكر أن دولته هي الداعم الاول والرئيس لهذا الكيان الغاصب.

تحدث أوباما بلهجة رئيس أقوى دولة في العالم، واستعرض المشاكل التي تهدد العالم، مرورا ببحر الصين، وافريقيا واوكرانيا حيث القرم، وليبيا والعراق وايران وكوبا، ومن ثم حطّ في سورية، حيث تنظيم "داعش" الإرهابي، من دون ان يقول لنا من أين جاء هذا التنظيم، ومن موّل ودرب وفتح الحدود له!

قدم الرئيس الاميركي بلاده باعتبارها راعية السلم والديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في العالم، وصورها امام كاميرات التلفزة، بانها الدولة الكبرى التي ترعى مصالح الجميع، وتحمل همومهم، وتعمل ليل نهار لتحقيق ذلك، طبعا من دون ان يكون لدولته هدف سوى نشر السلم والحرية!

قالوا إن الكلام سهل، والأحلام أسهل من الكلام، ولكن الفعل صعب، وهنا مربط الفرس، في كل ما قاله أوباما أمام قادة العالم، فهو قلب كل الحقائق، وصور دولته وكأنها الحارس الذي يسهر لينام العالم، آمنا مطمئنا، كما نشاهد في الافلام الهوليوودية، التي تقدم المقاتل الاميركي باعتباره مضحيا وشجاعا مقداما، وعلى استعداد لتقديم روحه من اجل صالح البشرية، فيما تحرص على ان تظهر الرئيس الاميركي بثوب الناسك الشجاع، الداعي للسلم وللحرية والديمقراطية!

من حق أوباما أن يتحدث كما يشاء، عن دولته، ويعتبرها الاولى في العالم، سلما وديمقراطية ومواطنة، فربما هذا القول فيه بعض الصواب داخل اميركا، وفيما يتعلق بالحقوق الفردية للمواطن الاميركي داخل القارة البعيدة، بيد ان ذلك لا يغيب عندما تخرج اميركا للعالم بجنودها، فهي تقتل، وتلقي قنابل نووية على مدن فيها أطفال وشيوخ ونساء، وتعتقل من دون مسوغات قانونية، وبلا انسانية، وتأسر، كما أنها تتعامل مع خارجين عن السلطة الشرعية، وتدربهم وتضع بين ايديهم اسلحة، يقومون بعدها بتسليم تلك الأسلحة لقوى ظلامية إرهابية.

في خطابه، جال الرئيس الاميركي على كل مناطق التوتر في العالم، وركز على الشرق الاوسط، مارا بالعراق وسورية وليبيا، ولكنه ازاح وجهه عن السبب الرئيس للتوتر في المنطقة، وهو وجود احتلال صهيوني لفلسطين، ووجود كيان مغتصب لحقوق شعب كامل، يتفنن في تعذيبه وحصاره وتجريف أرضه وقلع اشجاره، وسرقة مائه. هذا الكيان تدعمه إدارة اوباما في حلها وترحالها وتعلن على رؤوس الاشهاد، أن هدفها الاول هو إدامة تفوقه ووجوده، فعن اي سلم وحقوق انسان، وديمقراطية تُحدثنا يا سيادة الرئيس أوباما؟!

يا سيادة الرئيس، الشرق الاوسط على صفيح ساخن منذ 67 عاما، عندما زرعتم فيه كيانا هجينا، سميتموه اسرائيل، وانتزعتم ارضا من اصحابها، ومنحتموها لمهاجرين، جئتم بهم من كافة اقطار المعمورة. وزادت سخونته بعد ان احتلت جيوش دولتكم الكبرى العراق، وحولتموها من دولة تصنع وتنتج، الى دولة تبحث عن ذاتها من دون ان تجدها، وزرعتم فيها احقادا اثنية وطائفية ومذهبية وعرقية. وارتفع منسوب السخونة، عندما تحولت حواضن عربية اخرى، الى ركام ودمار، وانتم تغضون البصر، من دون ان ترى طائرات استطلاعكم، تدفق ارهابيين الى سورية وليبيا والعراق.

سيادة الرئيس، عن ماذا تحدثنا، وكيف تريد ان نصدق ما تقومون به، ونحن نرى ادارتك وهي تغض البصر عن جنود صهاينة، يعتدون يوميا على سيدات في المسجد الاقصى ومحيطه، وتدفع اموالا لادامة تفوق كيان مستعمر يقتل الاطفال، ويحتل الارض؟ أبعد ذلك، تقول لنا ان دولتكم، تريد السلم والحرية وحقوق الانسان؟!

سيادة الرئيس اوباما ما اسهل الكلام عليك، ولكن الحقيقة الواضحة، والماثلة أمامنا، ما تزال قاتمة وصعبة، لذا لا يمكن لنا أن نصدقكم، أو نؤمن بسلمية توجهكم.

(الغد 2015-09-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات