باريس، أنقرة و«الائتلاف».. معارضة في الوقت الضائع !

تم نشره الأربعاء 30 أيلول / سبتمبر 2015 02:24 صباحاً
باريس، أنقرة و«الائتلاف».. معارضة في الوقت الضائع !
محمد خروب

أعاد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند , إحياء الاقتراح غير القابل للتنفيذ وغير المجدي في واقع الحال، الذي كانت أطراف من المعارضات السورية المُقيمة في الخارج والمُنتظِمة في سياق تحالف «أصدقاء» سوريا ,طرحه في وقت مبكر من قيامهم بعسكرة الحِراك السلمي وفي محاولة منهم لاستعادة السيناريو العراقي (الحظر الجوي) الذي فرضه الأميركيون بعد حرب عاصفة الصحراء وإخراج القوات العراقية من الكويت، على نحو اتاح تكريس «استقلال» اقليم كردستاني وحوّل الإقليم بالتالي إلى مركز للتآمر على بغداد ومواصلة الضغط عليها , بهدف إضعافها وشلّ قدراتها وبالتالي التمهيد لاسقاط الدولة العراقية, تحت مزاعم وأكاذيب وتقارير مُفبركة ادت في النهاية إلى غزو البلاد واحتلالها ونشر الفوضى والخراب في صفوفها على النحو الذي نشهد فصوله الدموية والفظيعة منذ عشر سنوات ونيف.

الفرنسيون، الذي تقدموا الصفوف لشيطنة النظام السوري والذين دأبوا وما يزالون، على اعاقة وإفشال كل اقتراحات الحلول السلمية وراحوا يشترطون إبعاد الرئيس السوري عن اي حلول او دور في المرحلة الانتقالية التي نصت عليها «جنيف1»، وجدوا انفسهم الآن وبعد أن انخرطت روسيا في الأزمة مباشرة وميدانياً، وكأنهم قد هُزموا وبخاصة بعد ان بدأت «الإنعطافات» السياسية الأوروبية الغربية تتوالى , وفي صلبها عدم الممانعة في بقاء الرئيس السوري خلال المرحلة الانتقالية، وهو أمر لم تستسيغه باريس ولا الرئيس «الاشتراكي» ساكن قصر الإليزيه، الذي بدا أكثر مزايدة من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي تراجع هو الآخر عن انعطافته الشهيرة بعد مباحثاته مع الرئيس الروسي في موسكو على هامش مشاركته في افتتاح مسجد موسكو الكبير, ثم ما لبث أن انكفأ وراح يعيد الاعتبار لاقتراحه اقامة منطقة آمنة ( بما في ذلك الحظر الجوي) مُستغِلاً الأزمة التي تعصف بأوروبا جراء استمرار موجة اللاجئين التي «خربطت» جدول أعمال الاتحاد الأوروبي وكادت تعرض صيغته واتفاقياته وعلى رأسها (فتح الحدود) إلى الخطر وإمكانية الإلغاء، الأمر الذي وجد فيه أردوغان، الخاسر الأكبر في كل ما جرى ويجري حتى الآن في سوريا وحواليها,فرصة لإعادة إحياء اقتراحه بإقامة منطقة الحظر الجوي.

لم يتردد خالد خوجا رئيس ائتلاف اسطنبول–تركي الجنسية–الذي لا يجد هو وكل «رموز» ائتلافه، من يسألهم امراً او يشاورهم او حتى يستأنس بآرائهم، في تقليد سيده اردوغان، وراح من نيويورك التي ذهب اليها متمنياً ان يأخذه احد بعين الاعتبار، يطالب المجتمع الدولي بفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا (..).

لن تُغير المزايدات ودعوات ربع الساعة الاخير..اليائسة، في الاوضاع الميدانية والجيوسياسية , المستجدة والدراماتيكية وذات الاثر الكبير...شيئاً، بل يكاد المرء يلحظ , انها تأتي في سياق نشاز وهدر للوقت ومحاولة لوضع الاصبع في «فتحة» سدّ آيل للانهيار، فلا تبريرات هولاند ولا عُصابية اردوغان ولا «ولدنة» خالد خوجا، قادرة على اعاقة او عرقلة تجسيد المرحلة الجديدة التي بدأت في الثلث الاخير من ايلول الجاري، بعد ان وضع الكرملين حداً لكل هذا العبث، بل الجرائم الموصوفة التي يرتكبها اعداء الشعب السوري في حربهم غير المشروعة على الدولة السورية، ومحاولة فرض حقائق جيوسياسية جديدة، تطيح ما تبقى من استقرار في المنطقة وتترك شعوبها نهباً للعصابات الارهابية وترتهن مستقلبهم لمنظمات متطرفة كانت عواصم الغرب الامبريالي وايضاً تركيا اردوغان، هي القابلة والحاضنة والمُموِلة لها، ولهذا لم يكن مفاجئاً ولا غريبا، ان يبرز التشدد التركي والفرنسي والبريطاني (قبل الانعطافة الشهيرة التي بدأتها لندن) في رفض محاربة داعش بل ربطتها بشرط محاربة النظام السوري والهدف واضح هو التهرب من محاربة داعش لأن دورها «التخريبي» لم يُستنفد بعد وبالتالي ما تزال الحاجة لها قائمة حتى الآن.

فرانسوا اولاند يقول في يأس واضح «.. وجود منطقة الحظر الجوي لن يحمي الذين يعيشون في تلك المنطقة، بل يمكن ان يعود اللاجئون الى المنطقة وهذه هي الفكرة الكامنة، وراء الاقتراح».. هكذا اذاً، لتُدمر سوريا ولتكن مواجهة بين الاسلحة الجوية–وفي ضمنها الروسي–ما دامت اوروبا لن تدفع الثمن وتتخلص من اللاجئين الذين يتدفقون عليها من مناطق داعش واحرار الشام وجبهة النُصرة.

يحاولون عبثاً ويلعبون–بلا طائل–في الوقت الضائع، فما كان غير ممكن في مراحل سابقة، كيف يمكن له ان يكون قابلاً للتطبيق بعد ان تغيرت قواعد اللعبة وبات الجميع في الغرب وبلاد العرب وتركيا , مُجبراً على التعاطي بجدية مع المعطيات الجديدة؟

اسألوا خالد خوجا اذاً.

(الرأي 2015-09-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات