«قنبلة» عباس التي لم تنفجر في الأمم المتحدة!!

تم نشره السبت 03rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 02:48 صباحاً
«قنبلة» عباس التي لم تنفجر في الأمم المتحدة!!
ياسر الزعاترة

بصراحة لم يأخذ أحد على محمل الجد قصة “القنبلة” التي قيل إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيفجّرها خلال كلمته في الأمم المتحدة، لا سيما بعد تأكيد بعض مريدي الرئيس على أن الأمر لن يتعدى ما سبق أن سمعه العالم منه، فيما لا يُستبعد أن اتصالات وضغوطا قد أسفرت عن تحفيف حدة الكلمة، وليس جوهرها الأصلي. وفي حين خرجت بعض الوكالات بعد نهاية الكلمة قائلة: إن عباس قد ألغى اتفاقات أوسلو، فإن مضمون الكلمة بنصها الكامل، لم يقل شيئا كهذا، وهي كانت أقرب إلى الكلام الذي ينسي بعضها بعضا، فهي تتحدث عن شيء ثم تنسفه من جديد، لكن الأمر في نهاية المطاف لم يتجاوز لغة التهديد التقليدية (صارت قنبلة موقوتة بحسب أنصار عباس!!). هنا الفقرة التي فسّرها البعض بأنها إعلان لإلغاء اتفاقات أوسلو، والتي جاءت بعد استعراض للممارسات الإسرائيلية: “لهذا فإننا نعلن أنه ما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة معنا، والتي تحوّلنا إلى سلطة شكلية بدون سلطات حقيقية، وطالما أن إسرائيل ترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى وفق الاتفاقات معها، فإنها لا تترك لنا خيارا، سوى التأكيد على أننا لن نبقى الوحيدين الملتزمين بتنفيذ تلك الاتفاقيات، بينما تستمر إسرائيل في خرقها، وعليه فإننا نعلن أنه لا يمكننا الاستمرار في الالتزام بهذه الاتفاقيات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في شهر آذار الماضي محددة وملزمة”. ما ينبغي أن يتذكره الجميع هو أن هذه الفقرة أو ما يشببها قد قيلت مرارا منذ 2006 ولغاية الآن، ومن عباس نفسه، تماما كما كان الأمر بالنسبة لتلويحه بالاستقالة، فلا هو استقال، ولا هو حلّ السلطة، ولا هو أوقف التعاون الأمني مع العدو. أي جديد في الكلمة، وأين هي القنبلة الموعودة؟ ما يبدو هو أنها لم تكن موجودة أصلا، ولا يُستبعد أبدا أن يكون قصده بالقنبلة هو ذات الكلام آنف الذكر، على اعتبار أن الرجل ضد السلاح، وضد القنابل الحقيقة، ومثل هذا الكلام هو نوع من القنابل بالنسبة إليه. وإذا عدنا إلى النصف الأول من الكلمة، فإننا سنعثر على تأكيد بأن نصفها الثاني هو مجرد كلام إنشائي، أو حرد سياسي، فهو في النصف الأول يتحدث عن السلطة ونشاطها ومستقبلها، ما يشي بأن أي تفكير بحلها لن يكون واردا، وهو يناشد الجميع لدعمها، ويتحدث في تفاصيل الدعم. من هنا يمكن القول: إن شيئا على الأرض لن يتغير، فلا المحتلون سيكفون عن الاستيطان والتهويد واستهداف الأقصى، ولن يفرجوا عن الأسرى، ولن يعيدوا الأراضي المحتلة عام 67. وفي المقابل، فإن شيئا لن يتغير من الطرف الفلسطيني الرسمي، فلا السلطة ستُحل، ولا أوسلو سيُلغى، ولا التعاون الأمني سيتوقف، وسيتواصل الوضع الراهن كما هو عليه.. سلطة تتمدد بالتدريج نحو ما يتركه الجدار الأمني من الضفة الغربية، مع استمرار التعاون الأمني، ولجم أية جهود لإطلاق الانتفاضة، مع استمرار المناكفة مع حماس في قطاع غزة بغية جرها إلى بيت الطاعة المصري العباسي، وشطب كل خيارات المقاومة. لقد قلنا مرارا وتكرارا: إن عباس لن يصبح ثوريا بعد الثمانين، وهو يعتقد أن سلطة أوسلو إنجاز عظيم تنبغي المحافظة عليه، وأن المقاومة دمار، ويحدث ذلك لاعتبارات شخصية، وبعضها سياسية، وهو يعمل الآن على تكريس سلطته على المنظمة والسلطة وحركة فتح بعد تراخي قبضته بسبب نشاطات دحلان، ولن يحل السلطة ولن يستقيل. إنه مساره الوحيد بتكريس سلطة/ دولة تحت الاحتلال تغدو بمرور الوقت دولة في حالة نزاع حدودي مع جارتها. إنها خطة شارون التي قتل ياسر عرفات وأحمد ياسين من أجل التمهيد لها، وجيء بعباس من أجل تمريرها، ولن يوقفها أبدا سوى انتفاضة شاملة في كل الأرض الفلسطينة. انتفاضة يعمل عباس ليل نهار، ومعه الاحتلال والوضع العربي والدولي من أجل منع اندلاعها، وبالطبع تبعا لتداعياتها على دولة الاحتلال وعلى الوضع العربي والإقليمي كذلك.

(الدستور 2015-10-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات