عندما يرتبك رئيس الإقليم.. أو الخيارات المحدودة.. لبرزاني!

تم نشره الإثنين 05 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 12:56 صباحاً
عندما يرتبك رئيس الإقليم.. أو الخيارات المحدودة.. لبرزاني!
محمد خروب

في الحصيلة الاولية لنتائج المعادلات الجديدة التي فرضها الانخراط الروسي المباشر في الازمة السورية، يبدو رجب طيب اردوغان ومسعود برزاني اكثر الخاسرين في «رهط» مجموعة الذين راهنوا على التدحرج التدريجي للاوضاع الميدانية التي خططوا لها كي يتوجوها في النهاية بغزو عسكري متعدد الجبهات والجنسيات لسوريا، والذي وصل بعض ذروته في الدعوة التركية المُلِحة الى ايجاد منطقة آمنة على الحدود الشمالية لسوريا، يمكن لتركيا ان تستخدمها منصة ليس فقط لايجاد موطئ قدم لعصابات الارهاب مختلفة التسميات والمرجعيات التي تحتضنها وتُسبغ عليها رعايتها والتمويل، وانما ايضاً في استخدامها منصة لفرض هيمنتها على الشمال السوري وخصوصاً حلب والبروز كدولة مهمة ذات نفوذ وتأثير في المشهد السوري «الجديد» الذي حلِموا (اقرأ توهموا) بأنهم سيُجسدونه في مرحلة رشح انها ستكون ناضجة قبل نهاية العام الجاري، وذلك في اطار «الصفقة» التي بدأت تفاصيلها تتكشف, والتي عقدت بين اردوغان واوباما مقابل فتح قاعدة انجرليك الاستراتيجية للطائرات الاميركية، حيث «تعهدت» واشنطن بصرف النظر عن دعم شرط او مطلب انقرة باقامة هذه المنطقة.

ما علينا..

سقطت اوهام اردوغان وتبددت احلام مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان «المُعلّق» (بمعنى انه لم يَعُد رئيساً للاقليم بعد انتهاء ولايته في ايلول الماضي، وحيث لم يتم الاتفاق بينه وبين احزاب المعارضة الاربعة الممثلة في برلمان الاقليم، وهي كلها من معارضة «السليمانية «اي تلك التي تُنافس نفوذ آل برزاني في اربيل, وهي الاتحاد الوطني بزعامة طالباني وحركة غوران (التغيير) بزعامة نيشروان مصطفى والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي الكردستاني، فان دستوراً جديداً لم يتم وضعه نتيجة للخلافات الناشبة حول مواده ولا تم التجديد (مرة ثانية) لبرزاني, ما ابقى الرجل «مُعلقاً» او في حكم المُستقيل.

لن تقوم منطقة آمنة او عازلة او حظر جوي في شمال سوريا، فالاوضاع انقلبت رأساً على عقب، واذا ما اراد اوأصرّ اردوغان على قيامها، فان عليه ان يستعد للمواجهة مع التحالف الجديد الذي قام الآن وباشر مهماته ولن يكون يوم «تحرير» جسر الشغور (التي اسهم الجيش التركي في اسقاطها عبر الدعم المدفعي واللوجستي لعصابات جيش الفتح.. بعيداّ، وهنا سيكون اختبار النتيجة، والتي يجب بالتالي على اردوغان...عندها, ان يبني على الشيء مقتضاه, فلم تعد الامور سائبة كما كانت من قبل والجميع بات مطلوبا منه ان يحسب خطواته بدقة قبل محاولة الدخول في مواجهة لا تحمد عقباها, ولم يكن تصريح الرئيس الاميركي باراك اوباما بأن بلاده لن تسمح بأن تصبح الازمة السورية حرباً بـ»الوكالة» بين الولايات المتحدة وروسيا, وهي مستعدة للتعاون مع موسكو لايجاد حل سياسي للازمة في سوريا, مجرد تصريح عابر, بقدر ما يضيء على ارتفاع منسوب الحذر والحيطة لدى كل المنخرطين في الازمة التي سيكون الانزلاق من خلالها الى حرب مدمرة, إحدى اكبر خطايا الطرف الذي لا يحسب الامور جيداً ولا يأخذ في الاعتبار الدرجة العالية من التوتر التي بات عليه المشهد الاقليمي وبخاصة في سوريا والعراق وامتداداتهما المعروفة.

خسر اردوغان رهاناً آخر وهو الذي هَدَفَ إليه باقتراحه اقامة المنطقة العازلة او الحظر الجوي, كي يحول دون ترابط مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الكردي السوري في عين العرب وجرابلس وعفرين عبر إعزاز، وهو حزب يؤيد زعامة عبدالله اوجلان الذي ينافسه على الزعامة والنفود لدى كرد المنطقة... مسعود برزاني) ما اصاب برزاني بخسارة اخرى, تتمثل في ارتفاع اسهم اوجلان (عبر حزب صالح مسلم, الاتحاد الديمقراطي) ثم ستكرر اذا ما فاز حزب الشعوب الديمقراطي الكردستاني التركي في الانتخابات البرلمانية المبكرة في تركيا المقررة اوائل الشهر المقبل (1/ 11).

خسارة صافية سجُلت في صالح برزاني واردوغان, الامر الذي يمكن رصده في اللهجة الغاضبة ولكن اليائسة التي اطلقها الرئيس التركي ضد الغارات الروسية على معاقل الارهابيين وقريباً من حدود بلاده (في محافظة ادلب) عندما طالب موسكو بأن تُوقف غاراتها فوراً.. اما برزاني الذي خرج على الناس يوم امس بتصريح مرتبك اقرب الى المتناقض الذي تلبسته الحيرة جاء فيه «.. ان تحقيق نتائج افضل في الحرب ضد تنظيم الدولة) سيكون اذا نسّقت روسيا والتحالف جهودهما سوياً, مستدركا «.. انه يرحب ايضاً بأن تساعد اي دولة-بما في ذلك روسيا - قوات البشمركة بالمنطقة ضد المسلحين»..

غرابة التصريح تكمن في انه جاء بعد ثلاثة ايام من تصريح مسؤول كردي رفيع في رئاسة الاقليم بأن البشمركة (لا) ترحب بالانخراط الروسي في الحرب على داعش وان الاقليم هو جزء من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة, ظناً منه بالطبع ان «التحالف الاميركي» سيكون ضامناً لاستقلال الاقليم على ما سرّب مقربون من رئاسة الاقليم بعد اسقاط النظام السوري وهزيمة داعش.

النظام السوري لا يبدو مرشحاً للسقوط عسكرياً الان ولا في المستقبل القريب, وهزيمة داعش تحتاج الى تحالف جديد ينهض على الشرعية الدولية والالتزام بالقانون الدولي, وهو امر ما تزال تُعارضه واشنطن حتى الان, بدليل انها تُعرقل مشروعاً روسِيّاً في هذا الاتجاه، مطروحاً على مجلس الامن.

(الرأي 2015-10-05)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات