عتبة حسم في "الانتخاب".. لم لا؟

تم نشره الإثنين 12 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 12:35 صباحاً
عتبة حسم في "الانتخاب".. لم لا؟
جهاد المنسي

المقصود بعتبة الحسم هي نسبة أصوات، يتوجب اجتيازها لحصول القوائم على مقعد نيابي، وهي الحد الأدنى من الأصوات التي تحتاجها قائمة ما، للفوز بتمثيل لها في مجلس النواب، بمعنى إذا حددت نسبة الحسم بـ2 % على سبيل المثال، من خلال القانون أو تعليمات، فإن أي قائمة تحصل على أقل من هذه النسبة، تستبعد من الحصول على أي مقعد، وهو نظام تعتمده الكثير من الديمقراطيات في العالم.

وقد خلا مشروع قانون الانتخاب الحالي من نسبة حسم، ما رأته احزاب سياسية ومجتمعية مثلبا عليه، فيما يعتقد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية د.خالد الكلالدة أن عدم وجود "عتبة" أو نسبة حسم معينة في مشروع القانون الموجود بين يدي "قانونية النواب"، جاء بقصد إتاحة الفرصة للأحزاب والقوى السياسية الصغيرة للتعبير عن نفسها تحت دائرة الحدث، وقياس وزنها ومدى تأثيرها في الحياة البرلمانية، إذا ما أتيحت لها الفرصة للوصول إلى قبة البرلمان، وهو ما يجعلها تبحث عن ائتلافات في تيارات سياسية بهدف الوصول للأغلبية مع الآخرين، أو أن تعيد مراجعة آلياتها، إذا ما أخفقت، لافتا إلى أنه لا يوجد في المدى المنظور قوى سياسية، يمكنها الحصول على أكثر من نصف المقاعد.

من حق الوزير الكلالدة الدفاع عن وجهة نظره، وبالتالي الدفاع عن مشروع قانون، قدمته حكومة هو عضو فيها، وكان له بصمات واضحة فيما قدم من منتج، بيد أن ذلك لا يعني أن نسلم بالمطلق بما يقوله الوزير النشيط حول الموضوع، وهذا لا ينفي حقنا أن نتخوف، ونسأل عن السبب الحقيقي وراء عدم اعتماد العتبة التي تبدو ضرورية في القانون، وخاصة أن تجربة تشتت القوائم الوطنية في القانون السابق، والتي خلت من نسبة حسم، ما تزال ماثلة امامنا.

فالمثلب الرئيس الذي ظهر في القانون السابق، والذي تضمن قوائم وطنية، هو عدم وجود عتبة حسم، الأمر الذي رفع عدد القوائم الفائزة وترك مجالا لحصول قوائم حصلت على 16 ألف صوت على مقعد نيابي، وقائمة اخرى حصلت على 60 ألف صوت لم تحصل إلا على مقعد واحد أيضا، وهذا وزع مقاعد القوائم الوطنية الـ27 على 23 قائمة، الأمر الذي أبعدنا عن روح الفكرة، من وجود قوائم وطنية، والتي كان أساسها وجود تيارات سياسية داخل القبة، ولم يخلق ائتلافات حقيقية فاعلة، لها برامج وسياسات تتبناها وتدافع عنها، وجعل فكرة الحكومات البرلمانية البرامجية تبدو بعيدة.

مشروع القانون بشكله الحالي، يعيد خلق نفس الحالة السابقة، ويجعلنا معرضين مجددا للتجربة ذاتها، وبالتالي وصول ما يقرب من 100 قائمة لمجلس النواب، تمثل أشخاص أصحابها ولا تمثل مكونات سياسية وفكرية وبرامجية، يمكن البناء عليها، وهذا من شأنه أن يبعدنا عن فكرة الحكومات البرامجية، التي تؤسس للإصلاح المنشود، ونقلنا من مربع البرامج الفردية إلى مربع البرامج الفكرية والحزبية والمجتمعية.

التخوفات التي يبديها الوزير الكلالدة ويتحدث عنها تبدو للوهلة الأولى محقة، إذا ما أخذنا بالاعتبار حق المكونات السياسية الصغيرة بالوجود تحت القبة، ولكن مجرد إعادة التفكير بتجربتنا السابقة، والشكل المشتت الذي ظهرت عليه القوائم الوطنية، يدفعنا لقولها للمرة الألف، بأن ترك الأمور على غاربها بهذا الشكل، من دون عتبة حسم واضحة، من شأنه إجهاض فكرة، طالما تحدثنا عنها، واعتبرناها أساس عملية الإصلاح المنشود، وهو الوصول إلى فكرة الحكومات البرلمانية التي تأتي من خلال قوائم فكرية وبرامجية واضحة تعبر عن ذاتها.

لا نريد أن نبقي قانون الانتخاب في دائرة التجريب فقط، دون التطوير، ولا نريد أن تبقى فكرة الحكومات البرلمانية مجرد شعارات على الورق، من دون أن يكون لها حواضن ترعاها، وتؤسس لها، وربما يكون الذهاب لعتبة الحسم بداية الطريق لخلق تيارات سياسية تحت القبة، تعارض وتشكل حكومات، وبخلاف ذلك سنبقى ندور في مدار التجريب من دون الخوض في عمق الفكرة.

(الغد 2015-10-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات