تسمع بالمعيدي!!

تم نشره الثلاثاء 20 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:31 صباحاً
تسمع بالمعيدي!!
خيري منصور

عندما يكون العربي بعيداً عن وطنه ويسمع بحدوث أمر جلل في بلاده يبدأ بضرب الأخماس بالأسداس، وقد يشعر بالخجل لأنه ليس مع ذويه في الضّراء واذا كان لا بد من مثال فهو الراحل هشام شرابي الذي سمع كما يقول في مذكراته اخبار الهزيمة في حزيران في ملعب الجامعة في احدى الولايات الأمريكية، ولم يستطع البقاء هناك فقرر أن يعود لكن الجمر سرعان ما انطفأ وتحول الى رماد، وعانى الرجل جراء استجابته لنداء الوطن الجريح، وانتهى الأمر بأن اغلق نافذة الطائرة بالقرب من مقعده واقسم أن لا يعود الى وطنه. فهل هو الخيال الذي يعيد انتاج الواقع بعيداً عن شروطه وحقيقته؟ أم ان المثل العربي القائل تسمع بالمعيدي خير من أن تراه هو التعبير الأدق عن الطلاق البائن بين الواقع كما هو وبين ما ننسجه من خيالنا واسقاطاتنا النفسية عنه، ما حدث لهشام شرابي تكرر مع آخرين لكنهم ليسوا اكاديميين بارزين أو من الشريحة التي تكنب مذكراتها، لهذا فهم يكتفون برواية ما حدث لهم من صدمات لأصدقائهم! وأبسط تحليل لهذه الظاهرة يتلخص في أن الواقع العربي لا يقبل التصديق اذا كان المرء بعيداً عنه وغير مستغرق فيه، لأن أية مقارنة بين ردود الفعل لدى العرب وبين ردود الأفعال لدى غيرهم لها نتائج غير سارّة، فلو حدث في أي بلد في العالم واحد بالألف مما يحدث في الوطن العربي لقامت الدنيا ولم تقعد، لكن ما يحدث في بلادنا من ذبح للبشر كالأغنام ومن تدمير لاطلال الحضارات ومن استباحة للمقدسات وانتهاك لحقوق البشر يبدو عاديا ومألوفا لفرط التكرار والتأقلم . واذكر أن ناقداً بريطانيا علق ذات يوم على قصيدة لبدر السّياب بعنوان المومس العمياء قائلاً : ألا يكفي أن هذه المرأة مومساً فقط أو عجوزا فقط أو عمياء فقط كي تثير الأسى في وجدان المتلقي العربي ! ولماذا اضطر الشاعر الى دمج كل هذه المآسي في قصيدة واحدة ! ولو رأى هذا الناقد أحوالنا الآن لأدرك السّر الذي بحث عنه . لأن مئة قتيل في العراق وسبعين في فلسطين وألفا في سوريا ومثلهم في ليبيا لا يكفي دمهم لكتابة سطر في قصيدة عربية الآن، فمن لا تضحكهم النكتة ان لم تكن فاحشة لن تبكيهم المأساة حتى لو كانت إبادة شعب!!!

(الدستور 2015-10-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات