سرطان الثدي ... الفحص المبكر يحدث فرقا والتوعية خطوة أولى لتجنبه
المدينة نيوز:- يبدو خبر مرض السرطان عند تشخيصه أشبه بكارثة تقلب حياة الشخص رأساً على عقب، وبخاصة لدى النساء المصابات بسرطان الثدي، لما يشكله من تهديد لإنوثتها وحياتها وعالمها، لكن تبقى شجاعتها وعزمها وإرادتها من الركائز الأساسية لعدم السماح للمرض بتحويل حياتها الى معاناة، بل تسعى الى معايشته .
لكل سيدة مصابة بسرطان الثدي تجربة خاصة مع المرض، لكن هدفهن واحد، وهو مساعدة الاخريات وتوعيتهن للحيلولة دون الاصابة به، وكيفية التعامل معه حال الاصابة للتخفيف من آثاره النفسية وانعكاساته على حياتها، .
"إنصاف" التي اصيبت بسرطان الثدي قبل ثماني سنوات قررت الاستفادة من تجربتها، والتحدث عن مرضها لتوعية الاخريات بأهمية الكشف المبكر ودوره في تجنب الاصابة بسرطان الثدي، مثلما عملت على مساعدت المصابات ليؤمن بإمكانية الشفاء وتخطي هذه التجربة.
وتقول :" إن دعم عائلتي وصديقاتي وجلسات الاسترخاء التي يعقدها مركز الحسين للسرطان شكلت العلاج الأمثل لي" إضافة الى أن اصابتها بسرطان الثدي مكنت علاقتها الزوجية حيث كانت الداعم الرئيس طوال رحلة علاجها الى ان شفيت تماما مضيفة انها ما زالت تقوم بالمراجعات الدورية للاطمئنان على صحتها والانضمام الى تلك الجلسات، لتبادل الخبرات بكيفية التعامل مع الاصابة.
أما عبير فقد شكل الخوف والحرص دافعا لإجراء فحص مبكر للثدي في وحدة الكشف المبكر بمركز الحسين للسرطان بعد شعورها بألم ووجود كتلة متحجرة، وتقول "حال شعوري بالالم الذي استمر بضعة ايام راجعت المركز لاجراء فحص الثدي، وبخاصة انني عايشت تجربة سابقة مع شقيقي الذي توفي بهذا المرض،اضافة الى خوفي على اطفالها من عدم مواصلة مشوار حياتي معهم، ومشاركتهم حياتهم".
وتضيف ان الفحوصات اثبت عدم إصابتي بالمرض وما زادني اطمئنانا ان المرض ليس وراثياً، ولقناعتي ان اكتشاف المرض بمراحله المبكرة يسهل السيطرة عليه ويسرع في عملية العلاج قررت مواصلة اجراء الفحص السنوي".
استشارية امراض الدم والاورام وامراض الثدي رئيسة جمعية الاورام النسائية في نقابة الاطباء الدكتورة سناء السخن تقول عقدت الجمعية مؤتمرا متخصصا حول الاورام النسائية بهدف التوعية حول توفر العلاج الامن بطرق سليمة مضيفة ان الاردن حقق تقدما ملحوظا في مجال التوعية بسرطان الثدي وتشخيصه من خلال الحملات التي بينت انخفاض عدد الحالات المسجلة بسرطان الثدي بين الاناث لعام 2011 والتي بلغت 935 حالة مقارنة ب 941 حالة 2010 .
وتشير الى ان حملات التوعية الموجهه للقطاعات الصحية وافراد المجتمع المحلي تبين ان هناك علاجا للسرطان بمختلف بمراحله الاربع حيث تستطيع السيدة وفي حال الكشف المبكر خلال الست اشهر الاولى من الاصابة ممارسة حياتها الطبيعية والشفاء منه، دون اية مضاعفات، وفي حال اكتشافه بمراحل متقدمه فإنه يمكن معالجته عن طريق الحبوب الهرمونية او البيولوجية والعيش لسنوات.
وتوضح انه كلما تقدم العمر فان احتمالية الاصابة ترتفع اذ ان نسب الاصابة في الاردن مرتفعة للفئة العمرية 40 الى 50 عاما، لكن احتمالية الاصابة تكون اعلى للفئة بين سن 60 و70 عاما لافتة الى ان كل نوع من السرطان له علاج ويعتمد على المرحلة إذ يتنوع العلاج بين الهرموني والبيولوجي والكيماوي او جميعها بالاضافة الى الجراحة .
وتقول المتطوعة في المركز نجوى الزهار التي تقوم بعقد جلسات استرخاء للمصابات بسرطان الثدي انها بدأت العمل قبل ثلاث سنوات، بعد فقدانها لصديقتها "سلام " التي كانت تعاني من المرض ما دفعها لتقديم خبراتها وتساعد المصابات.
وتضيف لا يوجد لدينا منهجا للتعامل مع انفسنا منذ الولادة، لكن عندما نصاب بالمرض نلجأ فقط للبحث عن الدواء مشيرة الى ان الجسم يعطي اشارات سعيا وراء المناعة الروحية وهي اهم من العلاج، لافتة الى ان جميع السيدات المصابات بسرطان الثدي في المركز الخاضعات لجلسات استرخاء يتعاملن كمسبحة واحدة متكاملة، ويعن تماما ان فرقا جوهريا بين عمليتي التداوي والشفاء؛ فالتداوي يعالج المرض ذاته، أما الشفاء فيدخل في الملف الروحي والعقلي والجسدي .
وتقول الزهار وهي اول من أعدت قرصا مدمجا باللغة العربية يحوي التمارين التي تحتاجها المريضة لمساعدتها على التكيف مع مرضها ويوزع مجانا على المصابات أنها تقوم بتمارين التنفس والراحة والمقاومة ضد المرض واليوغا البسيطة والتربيت وتمارين التخيل والمناعة والاصوات للسيدات في جو ايجابي بحيث يكون علاجا نفسيا جماعيا داعية المصابات بسرطان الثدي الى ضرورة الايمان بقوة الروح لديهن كون النفسية المكمل الاساس للعلاج .
مديرة وحدة الكشف المبكر في مركز الحسين للسرطان الدكتورة يسار قتيبة تقول أن حملات التوعية التي يقوم بها البرنامج الاردني لسرطان الثدي انعكست ايجابا على زيادة الوعي باهمية الكشف عن المرض.
وتوضح ان اغلب السيدات يراجعن الوحدة بمراحل متقدمة من المرض حيث تكون حجم الكتل كبيرة والغدد الليمفاوية ظاهرة بمنطقة الابط، وفي هذه الحالة تكون نسب الشفاء متدنية لا تتجاوز 18 بالمئة ويصعب السيطره عليه،أما اذا تم اكتشاف المرض بمراحله المبكره من خلال الفحص الدوري فتصل نسبة الشفاء الى 95 بالمئة.
وبحسب الدكتورة قتيبة ان اعراض سرطان الثدي تتمثل بوجود كتلة او تغير بحجم الثدي واحمرار وحكة موضحة ان هذه الاعراض ليست بالضرورة ان تكون اوراما سرطانية لكن يحتم علينا مراجعة الطبيب للتأكد منها، وتغيير الثقافة المجتمعية واجراء الفحصوصات الدورية للجسم.
وتضيف ينبغي تعريف السيدة من عمر عشرين عاما بطريقة الفحص الذاتي للثدي مشيرة الى ان 80 بالمئة من مشاكل الثدي تكون اوراما او امراضا حميدة، وليست سرطانية، وان الوحدة تقدم ارشادات ونصائح حول مشكلات وامراض الجسم المتعددة، واجراء الفحوصات الدورية قبل ظهور الاعراض سواء للسيدات او الذكور، داعية السيدات التي تترواح اعمارهن بين 20 و40 عاما وليس لديهن اية عوامل لامراض في العائلة ضرورة اجراء الفحص السريري كل عام او عامين.
وتستقبل الوحدة يوميا حوالي 40 مراجعا ومراجعة ثلثها، تراجع دوريا لاجراء الفحوصات، للاطمئنان على صحتهم، وأن حملات التوعية ساعدت العديد من السيدات في تغيير نظرتهن عن السرطان، وأن 20 بالمئة من حالات السرطان هي سرطان ثدي، تشكل نسبة الاناث ثلثها، و57 بالمئة من حالات سرطان الثدي في المملكة بين سن 40 و59 عاما وهو سن العطاء الاسري والمهني للمرأة.
رئيس قسم مكافحة السرطان في مديرية الامراض غير السارية في وزارة الصحة الدكتور مروان الزغل يقول ان اجمالي الحالات المسجلة بسرطان الثدي للإناث منذ عام 1996 بلغ حوالي 10652 حالة حتى نهاية عام 2011 .
ويوضح الدكتور الزغل ان سرطانات الثدي شكلت 7ر37 بالمئة من امراض السرطان التي تصيب الاناث لعام 2011 مقارنة ب 4ر37 بالمئة لعام 2010 لافتا الى ان متوسط العمر للإصابة بسرطان الثدي بلغ 50 عاما وهو اقل بكثير من اعمار السيدات في البلدان الاوروبية والامريكيه بحوالي 10 سنوات.
ويبين ان نمطية الاصابة بسرطان الثدي في الاردن تضاعفت تقريبا حيث كان عدد الحالات 566 حالة عام 2001 و 935 حالة عام2011 سجل منها 163 حالة وفاة بنسبة 26 بالمئة .
مدرس نظرية اللون في كلية الفنون بالجامعة الاردنية الدكتور ابراهيم الخطيب يقول ان الالوان تؤدي دورا مهما ورئيسا في العلاج من حيث عملها على توازن طاقة الجسم الداخلية ومساهمتها في شفاء المريض مشيرا الى ان اللون الوردي الذي يتوشح شعار حملة سرطان الثدي يعمل على تثبيط حركة الخلايا ومنع انتشارها في الجسم .
ويضيف انه بحسب "علم طاقة المكان" فان الالوان الباردة كما يسميها الفنانون كالازرق والاخضر والذي يعتمدها مستشفى الجامعة الاردنية تعمل على خفض مستوى الضغط عند المرضى اما الاطباء فانهم يسمونها الالوان السلبية التي تعمل على تخفيض الذبذبات والترددات في الجسم خلافا للالوان الحارة "الايجابية" التي تعمل على رفع مستوى الضغط كالاحمر والبرتقالي والاصفر بدرجاتهم .
مديرة البرنامج الاردني لسرطان الثدي نسرين قطامش تقول في تشرين أول من كل عام، يطلق البرنامج حملته التوعوية السنوية، فهو الشهر العالمي للتوعية بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي.
وتبين انه تم تصنيف سرطان الثدي بالمرتبة الاولى بين حالات الاصابة بالسرطان بين الاناث في الاردن بنسبة 7ر37 بالمئة، وهو المسبب الرئيس لحالات الوفاة بسبب السرطان بين الاناث الاردنيات وفقا لآخر احصائيات سجل السرطان الوطني الاردني.
وتضيف ان الحملة تحمل سنويا رسالة خاصة تهدف لتشجيع السيدات على إجراء فحوصات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، وتساعدهن في التغلب على مخاوفهن وعلى المعوقات التي تواجههن وتمنعهن من القيام بهذه الفحوصات وتتضمن العديد من النشاطات الإعلامية إضافة لنشاطات التواصل المجتمعي. وتشير الى ان الحملة تهدف لزيادة وعي السيدات بخاصة والمجتمع عامة حول أهمية إجراء فحوصات الكشف المبكر بشكل دوري، تحقيقاً لرسالة البرنامج "الكشف المبكر ينقذ الحياة" مبينة ان البرنامج يتبنى المنهج العلمي في تصميم حملة تشرين أول حيث تم استنتاج أن الحافز الأكبر الذي يشجع السيدة للقيام بفحوصات الكشف المبكر هم الأطفال؛ فهم المؤثرون على الأم والخالة والعمة والجدة والمعلمة كذلك، فعاطفتها الكبيرة تجاه هؤلاء الأطفال تدفعها للقيام بالفحوصات لأجلها واجلهم.