الصحة : مخالفة أكثر من نصف محطات تنقية المياه في المملكة في 2014 واغلاق 66 منها
المدينة نيوز - : بات أمر شراء مياه الشرب من محطات التنقية أمراً مقلقا للعديد من المواطنين، إذ أن اختلاف الطعم ووجود الشوائب وتغير لون العبوة؛ يزيد من خطورة التعرض لحالات مرضية متعددة.
تجد (أم علي) عندما تشتري "قوارير المياه الصحية" من محطات التنقية المنتشرة في العديد من الأحياء السكنية والأسواق التجارية، اختلافاً في طعم المياه، حيث تقول "كنت أجد في بعض الأحيان قوارير عليها خدوش أو رضوض وحتى اختلاف في لونها، الأمر الذي دفعني لمراجعة المحطات وتبديلها لعدة مرات، وبقيت تتكرر هذه المشكلات إلى أن اعتمدت على شركة مياه معروفة لضمان سلامة المياه التي نشربها بالرغم من فارق السعر" كما توضح.
أمّا (أم رامي) فقد مشكلات في تعاملها مع محطات المياه، ليتطور الأمر إلى إصابة أطفالها بأعراض تسمم، لتبين الفحوصات المخبرية أن السبب هو مياه الشرب التي ابتاعتها من احدى محطات تنقية المياه، ما دفعها لشراء المياه المفلترة من شركة مياه معروفة، حتى لا يتكرر ما حدث مع أطفالها مرة أخرى.
وتكشف إحصائيات مديرية الصحة والبيئة التابعة لوزارة الصحة للعام الماضي، أن أكثر من نصف محطات تنقية المياه في المملكة تمت مخالفتها، إذ وصلت الى 696 محطة، من أصل 1321 محطة، أغلق منها نحو 66 محطة بعد أن أحيلت إلى القضاء.
بدوره، يبين مدير مديرية الصحة والبيئة في وزارة الصحة المهندس صلاح الحياري، "أن المخالفات التي رصدت كانت بسبب عدم التزام المحطات بالشروط الصحية، ما أدى إلى التراخي والتسيب في الالتزام بالسلامة العامة، وهذا ما كشفته عينات المياه من مختلف المحطات التي يتم تفتيشها من قبل فرق تفتيش وزارة الصحة بشكل دوري" .
ويشير بحسب بتراا لى الإجراءات التي تتخذها المديرية بحق المحطات المخالفة، تقوم على أن المخالفة إذا كانت تتعلق في المحطة، يتم إنذارها لتصويب وضعها خلال مدة زمنية محددة، وفي حال لم يتم التصويب يتم الإغلاق والتحويل إلى المحكمة، مضيفاً بأن هناك مخالفة أخرى تتحدد "بالنوعية" وذلك بعد أخذ العينة الدورية من محطة التنقية لإجراء الفحص عليها وتحليلها، مبيناً بأنه إذا ثبت عدم صلاحيتها للشرب يتم أخذ عينتين أخريين للتأكد من ذلك، وفي حال ثبت بأن إحدى العينتين أو كلتيهما غير صالحة للشرب يتم إغلاق المحطة وإحالتها إلى القضاء.
ويوضح أن نقل العبوات بطريقة خاطئة في ظل ظروف غير صحية من خلال تعرضها للشمس أو نقلها في سيارات مكشوفة أمر ينعكس على صحة وسلامة المياه، لافتاً إلى أن من الصعب مراقبة كل عبوة تخرج من المحطات والتأكد من سلامتها.
ويدعو الحياري المواطن الى أن يرفض استلام أية عبوات فيها خدوش أو رضوض وكدمات أو عند تغير لونها، منوهاً بأنه لا يوجد مواد تنص على فحص العبوات (القارورة، الجالون) والتأكد من صلاحيتها أو عدد مرات استخدامها.
من جهته يؤكد مدير مديرية التحلية في سلطة المياه المهندس راتب العدوان، أنه في حال تعرض قارورة المياه البلاستيكية للشمس لفترة طويلة تحت الشمس يمكن أن تؤثر على نوعية المياه الصحية، وإذا انتهى العمر الافتراضي لفلاتر تنقية المياه في هذه المحطات وجب تغييرها، لأن الفلتر حينها يصبح عديم الفاعلية ويمكن أن يؤدي استخدامه مجدداً الى تراكم الشوائب، ليصبح بيئة ملائمة لظهور ونمو البكتيريا.
وفي ما يتعلق بتغير طعم المياه من محطة إلى أخرى، يرى العدوان أنه لا ضير في ذلك، لأن ذلك يتعلق بعملية إزالة الاملاح، وعندما يكون طعم المياه مراً فهذا أمر طبيعي في بعض الأحيان، حيث تكون نسبة المغنيسيوم أعلى من الكالسيوم، ما يعطي المذاق المر للمياه وهذا لا يؤثر على الصحة بوجه عام.
وينصح المواطن بعدم دفع الأموال للحصول على المياه من محطات المياه، لأن مياه الاردن من أفضل المياه في العالم، إذ أننا نشرب مياها جوفية وليس فيها بكتيريا وفيها ملوحة عالية وقد تصل إلى ما بين 700 إلى 750 ملغ / ليتر، وفي أسوأ الأحوال قد تصل إلى ما بين 500-600 ملغ / ليتر، وضمن المواصفات العامة وليس لها تأثير على الصحة بشكل مباشر.
ويقول أحد العاملين بمحطة لتنقية المياه، إن مصدر المياه التي تجري عليها عمليات التنقية والفلترة هي آبار جوفية، موضحاً بأن هذه الآبار هي مرخصة ومستوفية لشروط الجهات المعنية وتخضع لمتابعتها بشكل دوري.
ويؤكد أن عملية التنقية للمياه يشرف عليها مهندسون متخصصون، حيث يتم تنقيتها عبر العديد من المراحل لتصل للمستهلك ضمن المواصفات المحددة من وزارة الصحة، والتي بدورها تقوم بأخذ عينات دورية بشكل دوري (أسبوعي، شهري، سنوي)، للوقوف على صحة المياه وسلامتها، مبيناً أن أغلب المشكلات التي قد تحدث تتعلق بعيوب في بعض العبوات وليس في جودة المياه وسلامتها، الأمر الذي قد يحصل جراء النقل أو التحميل بحسب رأيه، داعياً المواطن لعدم قبول أي عبوة عليها آثار خدوش أو رضوض و أو كدمات وتبديلها.
من ناحيته يقول رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات، إن المواطن يعتمد في شرائه للمياه إلى العلامة التجارية وما يتبعها من تأثير الإعلانات التجارية "المضللة" في هذا القطاع، مشيراً الى أن الجهات الرقابية الرسمية على المياه الصحية لا تقوم بواجبها على أكمل وجه في هذا المجال، منوهاً بضرورة تكثيف الرقابة على المحطات ومتابعتها.
ويلفت الى وجود شركات ومؤسسات وأفراد خارج العاصمة يقومون بتوزيع مياه معدنية غير موثوقة ومعبأة بطريقة بدائية، ويقبل المواطنون على شرائها بسبب انخفاض سعرها من جهة، وحاجتهم للمياه من جهة أخرى.
من جهته يرى أستاذ الكيمياء في الجامعة الأردنية الدكتور فواز الخليلي أن محطات المياه بحاجة إلى مراقبة، ويتساءل عن مدى مطابقة هذه القوارير للمواصفات القياسية لتعبئة المياه التي حددتها مؤسسة المواصفات والمقاييس، وهل يتم حفظها ضمن شروط صحية بعيداً عن الشمس، ذلك لأن تعرضها الطويل للشمس يؤدي الى تحلل "فوتوكيميائي" وما ينتج عنه من مواد خطرة، ما يؤدي الى تراكمها لدى الناس، الأمر الذي يؤدي الى أضرار صحية على حد قوله.
ويقول إن المشكلة تكمن في عدم معرفتنا لتاريخ استخدام هذه القوارير، هل منذ سنة ام سنتين أو أكثر، لافتاً بأنه من المفترض وجود ما يدل على استخدامها، حيث يجب التخلص منها حال انتهاء صلاحيتها، كما أن شطف القارورة بالمياه قبل البدء بتعبئتها "ليس كافياً" فمن ضمن وسائل التعقيم غسلها بالمادة القلوية "هيدروكسيد الصوديوم".
ويعتبر الخليلي أن التعقيم يجب أن يكون من مصدر الآبار المرخصة والمراقبة، والتأكد من خلوها من الملوثات، وهذا من اختصاص عدة جهات منها مختبرات امانة عمان ومختبرات البيئة ومؤسسة المواصفات والمقاييس، مستبعداً وجود مراقبة حثيثة على المحطات، وأن السبب في اختلاف طعم المياه من محطة إلى أخرى يعود الى عدة اسباب، من أهمها مدى نظافة الصهريج الذي ينقل المياه إلى المحطة.
ويطالب بوضع ملصق معلوماتي على كل عبوة مياه لغايات معرفة نسبة الاملاح المعدنية والمكونات المعدنية وتاريخ تعبئة القارورة وآلية تعقيمها، كما يجب تغيير فلاتر المياه في المحطات باستمرار والتأكد من مدى فاعليتها، واستخدام فلاتر المياه المنزلية التي يتم تركيبها في المنازل.