"خليكي بحياتي.. افحصي"

الحملة الوطنية، التي أطلقتها مؤسسة الحسين للسرطان، للحث على الفحص الدوري لسرطان الثدي، تحت عنوان "خليكي بحياتي.. افحصي"، تأتي استكمالا لبرنامج سنوي اعتادت المؤسسة على إطلاقه خلال السنوات الماضية، بالتعاون مع جهات أخرى، وهي حملة مثمرة وإيجابية وتحمل رسالة إنسانية ومجتمعية يتوجب دعمها بكل قوة والوقوف معها، فضلا عن المساهمة في انتشارها.
جهود المؤسسة في التوعية بالمرض والتركيز على أهمية الفحص الدوري محمودة، وأعتقد أنها تؤتي أكلها وترفع من منسوب الوعي بأهمية الكشف المبكر عن هذا المرض (سرطان الثدي)، الذي يحتل المرتبة الأولى في الأردن بالنسبة لباقي السرطانات الأخرى.
وما يقوله الأطباء والمسؤولون حول نسبة الشفاء من المرض مبشرة، فالدكتور عاصم منصور مدير عام مركز الحسين للسرطان يؤكد أن نسبة الشفاء من المرض تزيد على 90 % وهي نسبة مبشرة وإيجابية، ولكنه يؤكد على أهمية الكشف المبكر عن المرض باعتبار أن ذلك يرفع نسبة الشفاء، ولهذا يعتبر الكشف المبكر والفحص الدوري مهمين للغاية لوقف المرض.
لا أرى غضاضة في أن تبادر كل سيدة إلى الفحص، ولا أعتقد أن الأمر بات مخيفا لدرجة تجعل البعض يعزف عن إجراء الفحص الروتيني، وخاصة أن فحص "الماموجرام"، الذي يتم به الفحص المبكر، يعتبر من أدق الفحوصات للكشف عن سرطان الثدي بعد سن الأربعين، وبوجود 7 وحدات "ماموجرام" في مناطق متعددة، وتحسين وتفعيل عمل 24 وحدة "ماموجرام" قائمة في كل القطاعات، فإن الفحص بات سهلا، وغير معقد، ولا يأخذ الوقت الكثير، فضلا على أن المبادرة إلى الفحص لا تعني وجود المرض، فالفحص روتيني وتطميني لا أكثر.
قبل أسابيع تعرضت زوجتي لعارض صحي، تم بموجبه إجراء كل الفحوصات اللازمة، لتحديد أصل العارض الصحي وسببه، والنتيجة كانت جيدة والحمد لله، ولكن كثرة الدخول على أطباء من مختلف التخصصات، وخاصة أطباء غدد، كان يثير في نفسي سؤالا مهما، وفي النهاية بادرت وسألت بما يثيرني أحد أطباء الاختصاص، حول سبب ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان عندنا في الأردن.
طبعا سألت سؤالي، وكنت قد قرأت تصريحات كثيرة لمسؤولين عن نسبة الإصابة، وأنها طبيعية وخلافه من تبريرات حكومية لم تقنعني، بل بقيت قناعتي الداخلية أن النسبة مرتفعة، وأن الحكومة لا تريد أن تعترف.
الطبيب، وبعد أن استمع لسؤالي، أثنى وثمن وشكر ومدح التجهيزات الموجودة في مركز الحسين للسرطان، وبراعة الأطباء فيه، ودقة نتيجة المختبرات، ثم عرج على الدور التوعوي الذي تقوم به مؤسسة الحسين، ودورها في الكشف المبكر عن المرض، معتبرا أن الشعور أن النسبة مرتفعة يأتي في المقام الأول لأن التوعية جيدة من المرض، وبالتالي يجري تسجيل الحالات وتوثيقها، وهو أمر لا يعتبر نقيصة، وإنما إيجابي، يسجل للمؤسسة وللمركز، ويؤشر لوعي مجتمعي.
الطبيب استدرك بالتأشير إلى أهمية رصد ما يؤكل من خضراوات وفواكه ومراقبة الهرمونات التي تدخل البلاد، والتي تستخدم في الأرض، وقياس مدى تطابقها مع الشروط الدولية، ومراقبة المزروعات بشكل أساسي ومدى استخدام هرمونات سلبية فيها.
للحق، فإن كلام الطبيب أشاع في نفسي حالة ارتياح، بأن الوعي الذي شكلته حملات التوعية، بدأ يعطي أكله، وينعكس برد فعل إيجابي على الأرض، من خلال الكشف المبكر، بيد أن كلام الطبيب وضع أيضا على عاتق الجهات الرقابية في الحكومة، مسؤولية فتح العيون أكثر على ما نأكل وما نشرب، وخاصة أن ذاك سيؤثر على صحتنا وصحة أمهاتنا وزوجاتنا وأطفالنا مستقبلا.
برامج التوعية التي تحظى دوما برعاية كريمة من الأميرة غيداء طلال، والأميرة دينا مرعد، تعطي أكلها وخاصة أن تلك البرامج باتت توجه باتجاه جيوب الفقر، وتصل لكل محافظة وقرية، وهذا أمر إيجابي.
فيا سيداتي، استمعوا لنداء أزواجكم، أطفالكم، أبنائكم، إخوانكم، آبائكم، أمهاتكم، و"خليكم" في حياتنا وافحصوا، فالكشف المبكر ثلثا العلاج.
(الغد 2015-11-02)