بين «تفاؤل» ولد الشيخ.. ومعركة «تحرير» تعز!

يُبدي المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد تفاؤلاً لافتاً بامكانية نجاح مؤتمر جنيف «2» اليمني المقرر عقده (حتى الآن) في الخامس عشر من الشهر الجاري، فيما تشي وقائع الميدان اليمني عكس ذلك تماماً، بعد ان بدت الأمور في ساحة المعركة الرئيسية وكأنها اشبه بمعركة كسر العظم، او الحصول على الاستسلام التام، قبل انعقاد المؤتمر العتيد (ان عُقِدْ) ما يعني ان المسألة خارجة تماماً عن النيات المعلنة بالتوافق والحوار وانقاذ ما تبقى من اليمن، بعد ان لحق به دمار كبير ومجاعة لن تُغادره في المديين القريب والمتوسط وفقر ونقص في الخدمات والبنى التحتية والمرافق العامة سيبقى معه الى عقود طويلة مقبلات..
سعي التحالف الى حسم معركة تعز قبل انعقاد جنيف 2، ابعد من حكاية تحسين شروط التفاوض وجعل «الميدان» هو الذي يُقرر مسار التفاوض وسيرورته، لأن العبارة المشتركة التي ادلى بها وزيرا الخارجية السعودي والبريطاني اثناء زيارة الاخير للرياض بأن الحرب اليمنية تقترب من نهايتها، لم تجد ترجمتها على الأرض، اقله في السماح للمساعدات الغذائية والانسانية بالمرور الى المناطق المُدمرة و»جيوش» النازحين والمهجّرين عن اراضيهم ومدنهم, فضلاً عن اشتداد حدة المعارك وبروز خلافات «علنية» بين جماعة انصار الله (الحوثيون) وانصار علي عبدالله صالح من جهة والمبعوث الاممي ولد الشيخ احمد حيث اتهم الحوثيون السيد ولد الشيخ بأنه «يكذب» عليهم ويتهرب من الوعود التي قطعها لهم وانه لا يتحدث في تصريحاته المُعلنة عن مخرجات الحوار الوطني وخصوصاً عن «النقاط السبع» الذي كان اكد على انها ستكون على طاولة المباحثات، ولهذا «هدّدوا» بأنهم لن يتعاطوا معه مستقبلاً، وهي «نية» ان تُرجِمت، فإنها ستكون بمثابة نسف كامل لكل الجهود التي بُذِلت حتى الآن لاخراج اليمن من أزمته المُتفاقمة فضلاً عن كونها مؤشراً على انهيار هذه الجهود، الأمر الذي استبطنه تصريح لم يتكرر لجماعة انصار الله، بأن المباحثات قد فشلت، وانهم - لهذا - ماضون في «مقاومتهم»حتى النهاية.
الى اين من هنا؟
جدية أي مفاوضات محتملة تُترجم في التوافق مع اعلان وقف اطلاق نار كامل تُلزمه اطراف الحرب الدائرة. وهذا لم يحصل, حتى الان, في اليمن رغم اقتراب موعد جنيف 2، رغم ان ولد الشيخ يتحدث لصحيفة خليجية تنشر تصريحاته اليوم عن «افكار ستحضر على طاولة الحل, لناحية مراقبة وقف اطلاق النار الذي (قد يحصل) والكلام لولد الشيخ قبل 15 تشرين الثاني الجاري.. فعلى ماذا يُراهن المبعوث الدولي؟ وهل صحيح انه يتوفر على اوراق مهمة؟
لا يبدو أنه كذلك وما يزال لم يغادر مربع الكلام رغم التفاؤل الذي يبديه وهو (التفاؤل) بصناعة الدبلوماسيين ورهانهم الذي قد «لا» يتحقق حتى لو قال لنا السيد الشيخ ان كان يلمس «عدم» جدية الاطراف الدولية, على عكس ما هو حاصل اليوم, وهو أمر غير خاضع للقياس او الاحتمال، بدليل اشتداد المعارك وتواصلها حدود المسّ بالمشافي ومولدات الماء والكهرباء, ناهيك عن تمسّك كل الاطراف المعنية بمواقفها المعلنة, ما يعني بروز التشدد وإن كان هذا التشدد غير مسنود برصيد ميداني على ما يحدث في اليمن الان، والبارز الاكبر فيه هي الحملات الاعلامية المحمولة على ضخ الكثير من الكلام والحرب النفسية الرامية الى ارهاق الخصم وإفقاده الثقة بنفسه وقدراته كما نلحظه بوضوح في وقائع الحرب اليمنية التي دخلت شهرها الثامن ولا يتوقع ان يكون «استيلادها» حلاً.. أمراً قريباً أو مفروغاً منه..
لم يعد ثمة ما يمكن التستر عليه أو تجاوزه بعد أن دخلت (بل هي كانت كذلك منذ البداية) مرحلة التدويل، ولم يعد القرار في يد الاطراف المُنخرطة على جانبي المتراس, فالتوافق السعودي الايراني هو الحل الاسهل والانجع وبغير ذلك فإن الامور ذاهبة الى مزيد من «التورط» الذي لا يبدو أن احداً قد ينجو من تبعاته, اكلافه والتداعيات؟
(الرأي 2015-11-04)