يا وجع الدنيا

الجرح ليس فقط أن يسيل دم من جسد، وجرح كهذا مهما كان عميقا او في أي مكان بالجسم يظل قابلا للشفاء، ولطالما التأمت جروح وان هي تترك آثارا في أغلب الاحيان. والجرح جرح في المحصلة ان حدث عفويا او بقصد من فاعل، وربما أصعبها الذي ينال من الوجه؛ لما يترك علامة فارقة لافتة بالضرورة، ومع ذلك تستمر الروح بحياتها والقلب بنبضاته، والنفس بالرئة والحركة بالأطراف الى ان يحل موت يأتي بموعد في علم الغيب، وهذا أمر بحد ذاته ليس مهما؛ لأنه ينال في النهاية بلا هوادة من الجميع بدون تمييز بين غني و فقير او أمير ووزير أوغفير.
تغني مطربة عن جرح القلوب وتقول إنه غال، ولطالما تصدعت قلوب من صد وهجران أو حب تحطم على صخور النكران. وقد تسيدت الاحزان طوال الزمن، ونالت بلا رحمة وكسرت في النفوس حد تخدير الوجدان، وتسكين الضمير ليكون حيا بالاسم فقط، ولم يلبث اي حزن ظاهر أبدا كلما مرت أيام. والحزن أنواع واشكال، غير انه كله على عزيز ما، وقد يكون مالا او مجرد ضياع ذكرى، او حتى كسر شجرة كالتي أبكت المسنة الفلسطينية وهي تبكي زيتونة بعمر العمر، وأبكت معها كثرا برقتها وصدقها بالحب.
نسي الطين ساعة انه طين حقير.. فصال تيها وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى.. وحوى المال كيسه فتمرد
يا أخي لا تمل بوجهك عني.. ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
انت لم تصنع الحرير الذي تلبس..واللؤلؤ الذي تتقلد
هي مجرد أبيات شعر لإيليا ابو ماضي، قالها كشاعر مهجر، ولو انه كان محليا فقط لقال اكثر عن حياة الطين التي هي الآن أكثر سخاما من الزفت نفسه. غير انه قال ايضا..
كن غديرا يسير في الارض رقراقا.. يسقي من جانبيه الحقول
ليس مهما أي جرح إن هو مدم او نال من قلب او روح او ان استقر في النفس، المشكلة بالذي استل سيفا من ورق وغرز أكبر جرح ونسي الطين والغدير ايضا.
(السبيل 2015-11-08)