شيطنة التدين

في قراءة سريعة لبعض عناوين الاعلام الأردني في تغطية حادث قتل الجنود الامريكان في الموقر رصد الاعلامي محمد النجار ما يلي:
النقيب أبو زيد أدى العمرة و الحج و هو معروف بتدينه!
أدى صلاة الفجر قبل ان ينطلق الى عمله!
أدى صلاة الظهر جماعة في مركز التدريب ثم انطلق للمطعم حيث قتل جنديين امريكيين و جنوب افريقي!
كانت هذه بعض العناوين في حادثة خطيرة الاصل ان يمنع النشر فيها حتى ينتهي التحقيق و تظهر النتائج حتى لا تنتشر الشائعات التي تزيد الأمر تشويها في حادثة لها تداعيات سياسية داخلية و دولية! اما الداهية الاكبر فهي لغة التغطية و اقحام تفسيرات و دلالات يقصد بها شيطنة الدين و المتدينين في بلد نصف اهله على الاقل يصلون الفجر و يعتمرون و يحجون! فهل هم مؤهلون ليقوموا بذات العمل او شبيهه الذي يصنف في دائرة الارهاب؟ و الاخطر هل الدين و العبادات تحض على ذلك؟ ام ان النصوص الربانية قد تفهم فهما شيطانيا اذا وقعت على عقل تم مسخه من دعاة النار و الفتنة و الضلال الذين يحرفون الكلم عن مواضعه؟!؟!
لسنا في معرض تفسير سلوك الجاني الذي قد يظهر انتماؤه الى ما يسمى بالجماعات الدينية التي اختطفت الاسلام و شوهته و خدمت الاعداء خدمة عمرهم و يسرت لهم محاربة الدين مزيدا، مشكلتنا مع اعلامنا الجاهل او المتآمر الذي يطبل جهالة او عمالة للصور النمطية التي تربط بين الاسلام و الارهاب فتصبح عداوة العالم ليس مع الحركات القتالية فقط بل مع الدين ذاته و كل مظاهره و يحدث تنميط لصورة المسلم كما يقول الباحث أحمد سالم في كتابه صورة الاسلاميين على الشاشة" فيصبح اي مسلم عادي يمارس واجباته الدينية هو ارهابي محتمل يجب الخوف منه و مراقبته و يتم الربط بين مظاهر الاسلام من صلاة و لحية و حجاب و عفة و بين العنف و الإجرام!"
ان علينا ان لا نعتب على آلة الاعلام الغربي و سياسته الممنهجة في تشويه الاسلاميين ما دامت وسائل اعلامنا تتبع ذات النهج و لا تفسر الخطأ و الجريمة في سياقها بل تتعمد الخلط و التعميم و تحميل الجرم لأطراف أخرى.
ما زلنا نذكر المشهد التدريبي في المعرض العسكري الذي صور المرأة المحجبة ضمن عملية ارهابية و التبريرات و الترقيعات التي رافقته و ها هو الاعلام يعود لذات الكرة في اتهام الدين دون مراعاة للقدسية و الحرمة و مشاعر المواطنين!!
فأين مواثيق الشرف الاعلامي و محاسبة المتجاوزين ام ان الطعن في الدين يقع ضمن حرية الرأي و اين دور العلماء في توعية الناس برحمة الاسلام و رسالته العالمية و الفرق بين الدين و أخلاق و أعمال من يدعون اتباعه؟!
أي رسالة سيفهمها عامة الناس عندما يُقال لهم ذهب فلان فصلى ثم قتل جنودا في غير حالة حرب؟
ان القاعدة التي نعرفها و لا تأويلات مختلفة لها برغم أنف الاعلام المضلل هي "ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر" و ليس من منكر أكبر من قتل نفس بغير حق!!!
أين قوانين المطبوعات و النشر أم أن إطالة اللسان على الدين لا بأس فيها؟
(السبيل 2015-11-10)