طوفان يوم الخميس

المطر المدرار الذي سقط على عمان خلال أربعين دقيقة صباح الخميس الماضي ظاهرة جديدة وغير مسبوقة ، وقد تكون من تجليات ظاهرة تغير الطقس ، الذي يترجم نفسه عن طريق الطبيعـة الغاضبة ، فالمطر عادي ، ولكنه يوم الخميس كان فوق العادة. والعواصف حول العالم ليست جديدة ، ولكنها لم تكن بهذه الشدة. جفاف في بعض الاماكن حول الكرة الأرضية ، وطوفان جارف في أماكن أخرى. الجديد هو التطرف.

لا توجد مدينة في العالم معصومة من الطوفان المائي ، وما حدث في عمان لا يختلف عما حدث قبل أيام في الاسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط ، وقبل ذلك في مدينة جدة السعودية ، كما لم تسلم مدينة نيويورك من الطوفان ، وشهدت بعض ضواحي لوس انجلوس ليس انجرافاً للأشخاص والسيارات فقط بل انزلاقا لبيوت بأكملها من سفح الجبل إلى شاطئ البحر.

في كل مرة يتطوع معلقون لتوجيه سهام النقد إلى الحكومات والبلديات لأنها لم تستعد لمثل هذه الحالات ، ولم تسلم الحكومة الأردنية وأمانة عمان الكبرى من سهام النقد القاسي.

أجهزة الحكومة والأمانة ذات العلاقة هي الأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني ورجال السير ، ومهندسو وعمال الأمانة وشركة الكهرباء ، فهل قصّر هؤلاء أم أنهم قاموا بالواجب خير قيام فابدعوا واستحقوا الإعجاب؟.

البنية التحتية اللازمة لتصريف مياه الأمطار أو الثلوج لا تبنى على أساس حالات استثنائية شاذة قد تحدث مرة كل عقد من الزمان ، وإلا فإن الكلفة تصبح مانعة وغير مبررة ، والناس ليسوا في مزاج مضاعفة رسوم وضرائب الأمانة.

عمان مرت بحالة استثنائية صعبة ، ولكنها تجاوزتها خلال ساعات بفضل يقظة واجتهاد وتضحيات أجهزة رسمية وفعاليات شعبية تستحق التقدير ، أما الذين اقتصر دورهم على مشاهدة المناظر الصعبة على شاشات التلفزيون ، أو على وسائل الاتصال الاجتماعي والهواتف الغبية ، فهم الذين لا يجيـدون غير التذمر والتجريح ، ونشر الصور مشفوعة بروح النكتة والفكاهة ، وكأن حياة الضحايا تصلح موضوعاً للسخرية والضحك.

يذكر ان الحياة العامة في عمان لم تتعطل يوم الخميس العاصف بسبب الحالة الجوية ، فقد ذهب الناس إلى أعمالهـم في مرافق الدولة ودوائرها ، وفي الشركات الخاصة والعامة ، كما عادت عمان إلى طبيعتها خلال ساعات.

(الرأي 2015-11-10)