باريس بين التدخل البري أومصالحة الاسد

تم نشره الإثنين 16 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 01:14 صباحاً
باريس بين التدخل البري أومصالحة الاسد
ماهر ابو طير

بعد تفجيرات باريس يأتي السؤال حول ماهية الرد الفرنسي، بغير الاجراءات الامنية الداخلية والتشدد ازاء الشرق اوسطيين، ومنح التأشيرات وغير ذلك من اجراءات؟!. في القراءات الغربية ان تفجيرات باريس تعادل في تأثيرها تفجيرات الابراج في نيويورك، من حيث قوتها وصدمتها، وتفجيرات نيويورك كانت سببا وتوطئة لاحتلال العراق وافغانستان، تحت عنوان محاربة الارهاب. اذا كان كثيرون يظنون ان الفرنسيين سينقلبون ضد حكومتهم لكونها تشارك في العمليات العسكرية في سوريا، وبالتالي استقطبت رد الفعل الى الاراضي الفرنسية، فالاغلب ان هذا التلاوم قد يكون مسموعا، لكنه على ذات طريقة تفجيرات نيويورك، سوف يخفت لصالح التضامن مع الحكومة الفرنسية في حال قررت اتخاذ اجراءات خارج الحدود الفرنسية، وهو ذات الامر الذي رأيناه في الولايات المتحدة الاميركية. فرنسا امام عدة خيارات، خارج الحدود، وعلينا ان نتنبه هنا، الى ان باريس غير قادرة وحيدة على بلورة رد فعل، وهي بحاجة الى اوروبا واميركا، ودول عربية لبلورة مثل هذا الرد، ونحن هنا نتحدث عن سيناريوهات فرنسا خارج حدودها. يأتي هذا في سياق يجري فيه الحديث عن وصفة للحل في سورية، على اساس سياسي، والمؤكد هنا ان اي اجراءات فرنسية- اوروبية لاتستطيع ان تتعارض مع اي توافقات مع اي وصفة سياسية في سورية، ولابد من وضع الوصفة السياسية في كلفة الرد والانتقام الذي ستسعى اليه فرنسا، ان قررت الذهاب بعيدا في رد فعلها. في التقديرات، هناك خيارين، اولهما يروج له التيار المحسوب على ايران وحزب الله وبشار الاسد وهذا يقول ان تفجيرات باريس ستؤدي الى معرفة «القيمة الذهبية» لبشار الاسد ومعاناة النظام من الارهاب، وسيتم هنا وقف الحرب ضده واعتماده وكيلا عن العالم لمحاربة التنظيمات، ومعنى الكلام ان المستفيد الاول من هذه التفجيرات هو بشار الاسد، الذي بات خيارا وحيدا امام الدول التي تعاني من التفجيرات لدعمه ماليا وعسكريا للقيام بالمهمة المطلوبة، نيابة عن العالم، وهذا يقول ايضا ان العالم سيتخلى كليا عن شعار اسقاط الاسد وتنظيمات التطرف معاً، وسيضطر للحفاظ على نصف شعاره فقط، اي محاربة التنظيمات وبواسطة بشار الاسد، وهذا خيار تتمناه سلسلة معروفة تريد ان تثبت ايضا ان «الاسلام السني» هو الارهابي فقط، على عكس بقية المذاهب. الخيار الثاني يتحدث عن حل اطلسي واستدراج لقوى الاطلسي لتدخل بري في سوريا، عبر تركيا والاردن، بشكل حاسم، من اجل حل مشكلة التنظيمات في سوريا، ولربما العراق ايضا، ودخول قوات اجنبية الى سوريا، امر ليس سهلا، لان المعسكر الروسي الايراني وسلسلة توابعه لن تقبل بالتدخل البري، بأعتباره قد لايؤدي فقط الى محاربة التنظيمات، وقد يأخذ في طريقه بشار الاسد، وحتى التوافق بين المعسكرين في هذه الحالة امر محفوف بالخطر ميدانيا، لاعتبارات كثيرة، خصوصا، ان عشرات الاف المنتمين للتنظيمات لن يستسلموا بهذه السهولة، حتى لو توافق معسكر موسكو ومعسكر واشنطن الذي يضم الفرنسيين على جهد مشترك، ولربما يكون التدخل البري هنا ممكنا في حال وجود ترتيبات سرية لاتتعارض مع اي خطة سياسية. في كل الحالات تبدو فرنسا امام وضع صعب جدا، فهي من جهة سوف ترد بتطرف من نوع خاص ايضا، ضد العرب والمسلمين على اراضيها، وسنسمع عن حوادث عنصرية، ووصفة التطرف ردا على التطرف، لن تؤدي الا لخلخلة الامن الداخلي الفرنسي، فيما يرجح ان تلجأ فرنسا لوصفة الرد في الخارج، عبر احد سيناريوهين، لان التورط فقط في ردود فعل داخلية يعني بكل بساطة ان ماتريده التنظيمات في فرنسا قد تحقق...اي وقوفها على قدم واحدة خوفا وقلقا.

(الدستور  2015-11-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات