ضواحينا وضواحيهم !!

تم نشره الثلاثاء 17 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 01:10 صباحاً
ضواحينا وضواحيهم !!
خيري منصور

لو كان طه حسين حيا لأضاف الى مقالته الشهيرة اغنياؤنا واغنياؤهم ملحقا بعنوان ضواحينا وضواحيهم . والمقصود في الحالتين هو العرب وأوروبا، فأغنياؤنا كما قال طه حسين الذي تعلّم في فرنسا ورأى عن كثب مدينة النور كما كانت تسمى قلما ينفقون من اموالهم على العلم والثقافة والصحة بعكس اغنيائهم الذين أنفقوا الكثير على الاداب والفنون وتبني المواهب، ولو حدث خطأ مطبعي في عنوان مقالة طه حسين في زمن ما قبل الكمبيوتر وعندما كانت الحروف تصّف بالرصاص لأصبحت المقارنة بين اغبياء وأغنياء، ما لم يكتبه طه حسين هو الفارق بين ضواحي مدن العرب وضواحي عواصم اوروبا وبالتحديد باريس . ففي تلك الضواحي التي سميت احزمة القصدير والصفيح يحتشد الفقراء والمهاجرون والمهمشون، لهذا ما ان يحدث فعل عنيف في باريس حتى ينصرف الانتباه الى تلك الضواحي، فهي التي تفرز المجرمين والخارجين عن القانون واخيرا أصبحت حاضنة للارهاب . ضواحينا حكر على عليّة القوم والاغنياء لهذا فهي عكس الضواحي الاوروبية والفرنسية بشكل خاص، اما العشوائيات واحياء الفقراء فهي في احشاء العواصم العربية وان كانت تحجبها واجهات حديثة لكنها لا تستطيع حجب ما يرشح منها، سواء كان اطفال شوارع ومتسولين او عاطلين . وتاريخ تشكل المدن العربية كما يرويه مهندسون معماريون ومؤرخون له حكاية مختلفة، لكن ما يهمنها في هذا السياق هو ان مراكز العواصم العربية هجرت ومنها ما تحول الى ركام واطلال، لأن الحياة الحديثة والخدمات هي من نصيب الضواحي الاشبه بالمستوطنات . ما يشبه ضواحي باريس بالنسبة لمدننا العربية هو المقابر، فهي مطرودة من عالم الاحياء كي لا تذكرهم بالموت، لأنهم كما قال سارتر وهو يصف بورجوازيي مدينة بوفيل في رواية الغثيان يتصورون انهم خالدون ومن معدن آخر غير هذا الطين !! في باريس كان التسلل الارهابي من الضواحي الى المدينة وفي بيروت كان التسلل من المدينة الى الضاحية . وقد يتصور البعض ان الامكنة محايدة ولا دلالة لها لكنها في الحقيقة ازمنة بامتياز تاريخي . لهذا يجب فض الاشتباك بين من ينتحرون من فرط الشبع والتخمة وبين من ينتحرون جوعا ومرضا !!

(الدستور 2015-11-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات