هل تبدد «حلم» أردوغان بـ «قضم».. حلب؟

تم نشره الخميس 19 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 12:53 صباحاً
هل تبدد «حلم» أردوغان بـ «قضم».. حلب؟
محمد خروب

فيما تتسارع التطورات الميدانية في جبهات الشمال السوري , ويواصل الجيش السوري تقدمه في ريف حلب الجنوبي تمهيداً لفصله عن ريف المدينة الشمالي على نحو يمنحه الفرصة لإحكام محاصرته لبقايا ارهابيي المعارضة بعد ان وجّه ضربة موجعة لداعش في الريف الجنوبي لحلب، يبرز تصريح رئيس الدبلوماسية الاميركية جون كيري حول «العملية» التي بدأتها بلاده لـ «مساعدة» تركيا في اغلاق «ما تبقى» من حدودها مع سوريا، وكأنه موقف جدّي وترجمة عملية لما بشّرَنا به فجأة وبلا سابق تمهيد او انذار بأن سوريا قد تبدأ مرحلة «انتقال سياسي كبير» في غضون اسابيع (وهناك من فسّرها بأنها ستبدأ قبل نهاية العام الجاري بين النظام والمعارضة)، وذلك – وهنا يجدر التدقيق – إثر التسوية الدولية التي تم التوصل اليها في ختام اجتماعات «فيينا 2»، فهل ثمة صلة حقيقية بين الأمرين؟

هنا يرتبط الجواب بالزاوية التي ينظر اليها المرء، ما يعني انها اكثر من «ثلاثية الأبعاد» ان صح الوصف، فالسلطان رجب طيب اردوغان المُنتشي باستضافته قمة الـ «G20» التي انتهت للتو في انطاليا، رغم تفجيرات باريس المروعة التي سرقت الاضواء من القمة , كذلك وهو الذي بدا منتصراً بعد ان عاد حزبه (العدالة والتنمية) الى صدارة المشهد التركي حاكماً منفرداً للبلاد، يصعب عليه (اردوغان) ان يُسلِّم للنظام السوري بتحقيق انتصار حاسم في الشمال السوري ويعيد بسط سيطرته على حلب ,تلك المدينة العربية الاصيلة التي تداعب خيالات اردوغان في الهيمنة عليها باعتبارها مدينة «عثمانية» تم سلخها عن تركيا (كذا).. ناهيك عن ان سيطرة الجيش السوري على حلب وباقي الشمال السوري وصولا الى الحدود المشتركة مع تركيا , ستُقفل دائرة التآمر التركي على سوريا وتُقلّص ان لم نقل تلغي تماماً هامش المناورة امام الاستخبارات التركية لمواصلة استخدام الجماعات الارهابية وعموم جيوش المرتزقة الذين وظفتهم اجهزة استخبارية غربية وعربية للإبقاء على الحريق السوري ولايصال الاسلحة – وبعضها مُتقدم وكاسر للتوازن مثل صواريخ تاو المضادة للدروع وستريلا المضادة للطائرات – التي تُهدِد بعض الدول العربية تزويد الارهابيين بها اذا لم يخرج بشار الأسد من الحكم.

ثمة التباس وغموض في تصريح الوزير الاميركي، ما لا يدعو للاطمئنان بأن واشنطن (التي لم توافق انقرة على طلبها المُلِح بايجاد منطقة آمنة بل وذهبت الى حدود تكذيبها والقول على لسان الناطق باسم الخارجية الاميركية ان اتفاقاً كهذا الذي زعمته انقرة... لم يتم)، ربما تسعى الان الى خلط الاوراق والتجاوب الجزئي مع تركيا في شأن ايجاد «نوع ما» من المنطقة العازلة , في انتظار تبديد شكوكها في شأن التحالف «المتصاعد» بين واشنطن والقوات الكردية في شمال العراق (المساعدة الميدانية والاستخبارية للبشمركة في تحرير سنجار) كذلك في شمال شرق سوريا عبر تشكيل «قوات سوريا الديمقراطية» كجيش مُكوَن من قوات حماية الشعب الكردية السورية والجيش الحر وبعض السريان والاقليات الاخرى.

لكن ذلك إن تم (وهو صعب ويشكل تنكراً لتوافقات فيينا) فإنه سيُعيد خلط الاوراق ويمنح تركيا فرصة لتخريب كل المحاولات التي بُذلت لايجاد تسوية للازمة السورية , بعد ان شكّلت احداث الثالث عشر من تشرين الثاني الجاري في باريس، ورقة ضغط هائلة على الجميع كي يتقدم ملف محاربة الارهاب على اي ملف آخر، فيما لا يزال اردوغان وبعض العرب يُكابرون ويُصرّون على تقديم محاربة «الفيل» الذي في الغرفة , اي بشار الاسد والنظام السوري , على ملف محاربة الارهاب الذي لا يرونه خطراً ماثلاً كما تدل على ذلك أفعالهم وتصريحاتهم والكيفية التي يقاربون بها الملفات والقضايا الاقليمية.

جون كيري قال إن 75% من الحدود التركية السورية قد تم اغلاقها ولم يبق سوى 98 كيلومتراً (اي 25% منها) وهذا في حد ذاته هو التحدي الاكبر الذي ربما أحجم الوزير الاميركي عن الخوض في تفاصيله «خوفاً» او خشية من إغضاب حليفه التركي المُزعج والصعب اقناعه بل الاصعب التنبؤ بالخطوات التالية التي سيلجأ اليها، بعد ان بدا للجميع أنه سيكون (وبعض العرب) الخاسر اكبر من اي تسوية سياسية في سوريا , لأن المؤامرة ستكون حينئذ قد سقطت ولم تعد ثمة «اسلحة» او اوراق يلجأون اليها بل ربما سيدفعون الثمن لاحقاً على ارتكاباتهم بحق السوريين والمنطقة.

نقول: ما أحجم عن ذكره كيري هو ان تلك المنطقة (98كم) من الحدود يُسيطر عليها «داعش» فهل ستكون هناك عملية عسكرية مشتركة؟ ام ان داعش «سينسحب» طواعية حتى لا يُحرِج حليفه في أنقرة؟

الجواب عند كيري واردوغان.

(الرأي 2015-11-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات