الحقد في زمن الكوليرا
عندما تمطر السماء، ولايكون هناك تصريف لمياه الأمطار، وتكون البنية التحتية متهالكة كما هو الحال في بغداد فإن الشوارع الممتدة تشبه الأنهار، والساحات العامة تكون كالبحيرات، والحفر كالغدران التي تتجمع فيها المياه، لكن الفرق إن هذه المياه تتحول الى أطيان وقاذورات ومكمن للأمراض الخطرة كالكوليرا التي تمر بالعراق زائرة حائرة أي هدف تضرب حتى صار عدد الذين أصيبوا من مواطنينا ألفا شخص مسكين، والعدد مرشح للزيادة، فوزارة الصحة غير قادرة على تسيير شؤونها نتيجة الظروف المحيطة بها، وليس لسوء النية.
تتهدد الكوليرا دول جوار العراق كسوريا والأردن والكويت وإيران خاصة عند إنتقال المسافرين بين هذه البلدان، وإمكانية نقل المرض عبر الحدود البرية والمطارات والموانئ، وتخشى عواصم الجوار من تحول المرض الى وباء إقليمي قاتل، وتعزز فرص إنتشار الكوليرا غزارة الأمطار التي تسقط من أسبوع لآخر في العراق، وهي خشية عبر عنها مسؤولون سياسيون وصحيون في العراق الذي يعاني من إرتباك أمني وضعف في الخدمات التي تقدمها الحكومة لمواطنيها العاجزين.
لاتتوفر النية الصادقة عند جهات مسؤولة عن الخدمات، وبسبب الفساد وسوء التخطيط صار طبيعيا أن نشهد إنهيارا في البنى التحتية وتضاعف حالات الإصابة بالأمراض المعدية، عدا عن الأمراض التي تشكل خطورة على الصحة العامة نتيجة الحروب ومخلفاتها كالسرطانات التي ضربت مدن عراقية عدة، والأدهى أن حتى المستشفيات غرقت بمياه الأمطار، وتحولت ممراتها الى مجار سطحية.
يبدو المسؤولون العراقيون غير جادين في عملهم، وبعضهم صار يعلن يأسه، فالفوضى العارمة التي تضرب العراق تجعل من الصعب على الأفراد أن يضعوا إستراتيجيات واضحة تمكنهم من التخطيط المنظم، وإنجاز مشاريع بنى تحتية في مجال الصحة والتربية والتعليم والخدمات العامة التي هي أساسية في تمكين المجتمع من مستقبله. ويبدو الحقد قد تمكن من النفوس، فصارت المنافسة السياسية بديلا عن الشراكة وهذه المنافسة من شأنها أن تقودنا الى مواجهة مرة تدفع الى ممارسة نوع من التسقيط السياسي عبر وسائل الإعلام ورمي الكرة في ملعب الخصوم وتحميلهم المسؤولية، بينما العراقيون شركاء في الجريمة التي قتلت بلدهم يقودهم إليها الحقد في زمن الكوليرا.