الفرس الأصيلة تموت أيضا

كم مرة ينبغي أن ينكسر قلب الانسان في العمر، والحياة عيش مرة واحدة رغم كل ايامها، وهي تمر باسرع من التوقع طالت سنواتها ام قصرت. ولم لا يعد وجع واحد كافيا وموفيا، وصنوف العذاب اكثر من ان تحصى والالام تتجدد بلا هوادة، وغياب العقل يتكرر مرافقا للحزن وقد بات وجبة يومية. ورغم كل النكد وكل الخوف وكبر القلق واتساع دائرة الشك والهلع اكثر من المستقبل بدل التفاؤل به فانه مطلوب ان يكون المرء طبيعيا ومبتسما ورزينا، وعليه الاستعاضة والاستعانة بالنسيان كحل واحد وحيد وليستمر في تلقي الضربات التي لا تنتهي ابدا.
ترى كيف يمكن استقبال اي يوم ان هو بكل ألوان الورد طالما القلوب جريحة حد نزف القهر، وهل حقا ان الفرح ممكن من القلب، او انه بالامكان البحث عن سعادة في القرب او في البعد. وها هم القوم على ذبح وكأن الموت طبيعي لا يعد كافيا رغم انه كلما مر جرح سال بالتذكار جرح.
ويعز على الصديق الصديق، وعلى القريب القريب، وعلى الحبيب الحبيب والاخ على الاخ، والهجر انواع اشده الفقد ابدا، ولطالما غيب الاعز تباعا وكأن القهر توراث ايضا كما اي شيء فينا. وليس كل الاحساس نفسه والعواطف تضاءلت لما غرقنا بشتات البعد والافتراقات تحت السقف الواحد، والاخ فيه ما عاد نفسه الا قليلا والاب كما الغريب، وفقد الام خسارة بلا عوض. والحياة توالي امهات جديدة، ليس منهن واحدة بقدر من ذهبت، وليس الامر سنة حياة بقدر ما تحولت الى العيش غريبا وسط اكثر من تحب.
والفقد يتلوه الفقد ليبعث الاسى مزيدا من الاسى، والموت سيد في كل الحالات غير ان اشد ضرباته لمّا ينال من ام استمرت مثالا طوال الوقت واضحت الان ذكرى، وقد عز على ابن والدته، وقد غادرت بصمت ودون ضجيج، وهي كانت وضحى بالمعنى الاصيل، رغم انه ما زال في حضرة ورحاب الموت وكأن فقد احمد لا يكفي، فيا صديقي ابو الرومي وقد اوجعتي فوق ما لدي، عليك الان ان تكون انت، وان تكون احسن، فقد حللت قسرا مكان من رحلوا، فكيف سترسم ايامك منذ الان يا عليّ.
(السبيل 2015-11-24)