الإحصاء!

تعداد سكاني مربوط بالاقمار الاصطناعية عبر «التابلت/ الايباد» المستخدم من الباحثين والمتابعين والمراقبين سينتج حصيلة معلومات هائلة، ليس تعدادية للسكان وحسب، وانما ايضا عن خصائصهم المكانية والزمانية والعرقية والمذهبية بانواعها ومجمل شؤونهم الاجتماعية والاقتصادية ايضا. واكثر الظن ان معلومات حساسة ستغيب عمدا، فلن يفصح منّ هم بعضوية الاخوان المسلمين او الاحزاب الشيوعية عن امورهم، ومثلهم لما خصهم فكريا من اي نوع مهما كان الخبث خفيا في الاسئلة، وسينفي كثر اي معلومة اقتصادية تخص المال والعقار ومجمل الملكيات، وليس متوقعا ان تفصح كل من فطنة وقطنة ووضحة عما لديهن من مصاغات ذهبية، ومثلهم ابو العبد الذي يدخر بطريقته الخاصة وتوني المتعامل مثلا مع سويسرا.
القول باهمية معرفة عدد المقيمين في الاردن تماما مع لحظة انتهاء الاحصاء ليس امرا غامضا يستحق الاكتشاف والبحث فيه لأن الأصل «كله مكتوب». وما خص المعرفة الديمغرافية بذات السوية ايضا، فالاردنيون بموجب المادة الثالثة معروفون لدى الاحوال المدنية ووكالة غوث الفلسطينيين ايضا، اما ما تعلق بالثروات فلا مجال ابدا لمعرفة كم لدى قطنة ومن بحالها من اخواتها واخوانها فما البال بالذين اكثر فطنة.
تدعي الحكومة ان قراراتها ستكون دقيقة بعد الاحصاء، ترى هل يعني الامر ان البلد عاشت عقودا بموجب التقديرات وعلى اساسها فقط. وكذلك تأمين قاعدة بيانات دقيقة، فماذا عن الحالية ومستوى صحتها. وهي تريد منه الارتقاء بحياة المواطنين، فكيف يمكن تصديق ذلك والسمة العامة ترديات تتابعية، وتؤكد ان التعامل مع المعلومات سيكون سريا، فاين الذي يمكن خشيته في اي سؤال.
بعد قصة استخدام كلمة «اسرائيل» صراحة في الاستبانة ثم استبدالها بعرب 48 ما يثير الهواجس، والربط بالقمر الصناعي بذات المعنى طالما يمكن اي جهة الكترونية الاطلاع واستخراج ما تريد من نتائج. وان الاحصاء يتم كاستحقاق قانوني، فكم عمر القانون وعلاقته بادوات العصر، وان الحكومة تريده مرشدا حقا فعلى قصتها السلام، ومع ذلك تعاونوا مع الباحثين جيدا نفيا لتهمة المعاكسة ضدهم، ثم اخيرا، الله يستر.
(السبيل 2015-11-30)